بسم الله الرحمن الرحيم
التحليل القرآني للحوادث .لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام:
في هذه السورة سورة الزمر آية هي قوله تعالى:
﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)﴾
(سورة الزمر الآية: 45 )
ه الآية لها أبعاد بعيدة، ولها مسارات طويلة، أية قضية تقع في الأرض لها تفاسير عديدة، فإذا طرحت التفسير الديني أو التوحيدي أو القرآني أنكر الناس عليك هذا التفسير، أما إذا طرحت التفسير الشركي قبلوه واطمأنوا له، فالأحداث التي تقع لا يمكن أن ينكرها أحد، والناس لا يتفاوتون في إثباتها أو إنكارها، من ينكر ماذا جرى في 11 أيلول لأن يستطيع أن ينكر أن الذي وقع ما وقع، ما في مكان إلا وقد صور هذا الخبر وانتشر، إذاً هذه الأحداث ليست المفاضلة بين الناس في قبولها وقوعها أو عدم قبول وقوعها، ولكن الناس يتفاوتون في تفسيرها، قد تطرح لتفسيرها ألف تفسير، ألف، وهناك تفسير توحيدي إلهي، هذا التفسير هو الذي يطابق الحقيقة تماماً.
يعني تقريب للمثل جرى في بلاد مجاورة حروب أهلية دامت سنوات طويلة، وأزهقت تقريباً مائتين ألف إنسان قتلوا فيها في جوارنا هذه الحرب الأهلية الطويلة يمكن أن تعطى تفسيراً عربياً صراع عربي في المنطقة، يمكن أن تعطى تفسيراً طائفياً، يمكن أن تطع تفسيراً دولياً وهناك تفسيراً قرآني.
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)﴾
( سورة النحل الآية: 112 )
الجفاف من منا ينكره ؟ واقع، المؤمن والكافر والملحد والفاسق والمستقيم بقلك ما في مطر، طيب ما تفسيره، يأتي عالم يقول خطوط المطر تنتقل، نحن كنا منطقة فيها مطر أصبحت منطقة متصحرة، هذا تفسير جغرافي، وفي تفسير آخر تفسير أن ارتفاع غاز الفحم في الجو أضعف الأمطار، وفي تفسير ثالث ورابع، لكن في تفسير إلهي:
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾
( سورة الأعراف الآية: 96 )
معنى السبب ليس هناك إيمان ولا هناك تقوى.
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾
( سورة المائدة الآية: 66 )
إذاً الجفاف له تفسير في القرآن، طيب جهة غاشمة متحكمة في العالم لها تفسير، تفسيرها أن هناك من يعرف الله ولا يطيعه، وهناك من لا يعرفه أصلاً، فلحكمة بالغة سلط الله من لا يعرفه على من هو يعرفه ولا يطيعه، الدليل:
﴿ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)﴾
( سورة القصص الآيات: 4 ـ 6 )
إذاً القوى الغاشمة هي عصي بيد الله.
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ
( سورة هود الآيتان: 55 ـ 56 )
أكبر خطأ يقع به الإنسان خطئه في الرؤية، في التفسير، لو فسر أن هذه الدولة قوية جداً يعني تملك من قوى التدمير ما لا قبل لأحد أن يقابلها، إذاً ينبغي أن نركع لها، على هذا التفسير ينبغي أن نركع لها، أما على تفسير التوحيد ينبغي أن نصلح شأننا، وأن يستقيم سلوكنا، وأن نصطلح مع ربنا، أخطر شيء في الأحداث.. التفسير، المؤمن يفسر كل ما حوله تفسيراً من وحي الكتاب أنت حينما ترى بلد غارق في النعيم غارق في الترف، وغارق في الإباحية، وغارق في الانحراف ومع ذلك في أعل درجات الغنى، صعب التفسير، يأتي القرآن يقول لك:
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)﴾
( سورة الأنعام الآية: 44 )
فأنت حينما تصل لما يقع إلى تفسير صحيح مستنبط من كتاب الله ومن سنة النبي عليه الصلاة والسلام فضلاً عن أن تكون قد أصبت كل الحقيقة، هذا التفسير الإلهي والنبوي يعطيك حركة صحيحة.
يعني مثلاً القوى الغاشمة لو ظننت أنها قوى غاشمة فقط، والله لا علاقة له بها، هكذا هي قوية ونحن ضعفاء، السلوك المنطقي وفق هذا التفسير أن تخضع لها، وأن تركن لها، وأن تستخذي لها، أما إذا فهمت أنها مسلطة.
﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ﴾
( سورة النساء الآية: 90 )
أنها قوى مسلطة لحكمة بالغة، الحكمة ؛ التقصير، عندئذٍ أسلك سلوك آخر بدل أن أخضع لها وأن أستكين لها وأن أركع لها أصلح علاقتي بالله عز وجل عندئذٍ يرفع عني بأسها، يبدو أن الحركة الصحيحة تحتاج إلى تفسير صحيح، فليجهد كل منا أن يبحث عن تفسير، زلزال له تفسير جغرافي رائع، اضطراب بالقشرة الأرضية، هذا التفسير ليس غلطاً لكن لا يكفي، من هو مسبب الأسباب هو الله، طبعاً لا يتناقض التفسير الإلهي القرآني التوحيد مع التفسير العلمي للحادث، لكن هذا التفسير العلمي له مسبب هو الله، من سمح أن يقع السبب لتقع النتيجة ؟ هو الله عز وجل.
إذاً المؤمن يفهم على الله عز وجل تحليله بالحوادث.
((رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره))
[ رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة ]
أنت حينما تقرأ حديث رسول الله.
((ألا يا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا، جائعة عارية يوم القيامة))
[ رواه ابن سعد البيهقي في شعب الإيمان عن أبي البجير ]
لا تقول لأهل الغنى هنيئا لكم، ثم يقول:
ألا يا رب نفس جائعة عارية في الدنيا، طاعمة ناعمة يوم القيامة.
فإذا رأيت إنسان فقير لكنه مستقيم تراه عند الله كبيراً، لا تزدريه هذا مستقيم، هذا يعرف الله عز وجل، معنى ذلك أن نظرتك إلى الناس تختلف لو عرفت الحقيقة، لا تعظموا أرباب المال تعظموا المؤمنين وتجلهم وتوقرهم، فبقدر صحة التفسير يكون مسارك صحيحاً، وبقدر سوء التفسير يكون المسار منحرفاً، الآية يعني هي قليلة أو موجزة لكن معانيه كبيرة.
في عنا تفسير للفقر، في تفسير أنه في تزايد سكاني بسلسلة انفجارية، بينما المواد الغذائية تتنامى بسلسلة رياضية، إذاً في فقر قطعي الجفاف له تفسير جغرافي وله تفسير ديني، الأمراض لها تفسير يعني مثلاً.
ما ظهرت الفاحشة في قوم قط فعمل بها بينهم علانية.
في فاحشة أما حينما نقرها ولها ممثلون ويحتلون مناصب، هناك من يدافع عنها، هناك مسيرات، هناك مؤتمرات لهذا الشذوذ، يعني دولة عظمة عينت سفير لها في بلد أوربي برومانيا يعني من تقاليد هذا البلد أن السفير بحفل يأخذ أوراق اعتماده من وزير الخارجية ليقدمها لرئيس الجمهورية في البلد الذي ذاهب إليه، وفي بلاد أخرى كل الاحتفالات المهمة يكون فيها الرجال مع زوجاتهم، يعني الزوجة هناك يجب أن تكون في الأوقات المهمة في حياة الرجل، في أثناء نجاحه بالانتخابات زوجته إلى جنبه، هكذا العرف، هذا السفير حينما عين سفيراً في بلد أوربي وأقيم له حفل لتسلم أوراق اعتماده من وزير الخارجية كانت زوجته إلى جانبه لكن زوجته رجل، شريكه في الجنس، وسافر معه وله تعويضات وله كل شيء، فهذه الفاحشة ظهرت وهي مقبولة، يأتي وزير صحة بريطاني يقول أنا شاذ جنسياً، ومهمته مكافحة مرض الإيدز الأساسي، هو معه يأتي وزير إيطالي قبل شهر أنا شاذ جنسياً، أنا حينما أفسر أن هذا المرض جاء عقاباً من الله، جاء عقاب هذا الفيروس ليس، لا يعمل وحده من دون سماح له، فالنتيجة ممكن أن تفسر مليون حدث معاصر لك وفق الكتاب والسنة، فأنت على صواب، أهم شيء إن جاء التفسير صحيحاً الحركة كانت صحيحة، أوضح مثل إن رأيت أن هذه القوى لجهود متراكمة أصبحت أكبر قوة ضاربة في العالم، بهذا التفسير ينبغي أن أخضع لها وأن أركع لها، وأن استخذي لها، أما حينما أفهم أنها مسلطة علي لتقصير مني اختلف الوضع، حينما أفهم هذه القوى الطاغية مسلطة علي لتقصير مني أصطلح مع الله عندئذٍ الله عز وجل يحميني منها.
فنحن كل بطولتنا في التفسير، واعتمد تفسير الله عز وجل في كتابه وسنة نبيه، ولا تعتمد التفسير الآخر، أنه نظرية مالتوس في نقص بالغذاء، في نمو سكاني كبير جداً، بسلاسل انفجارية وأن موارد الأرض لا تكفي لسكانها، يعني أضرب لكم مثل بسيط.
نحنا بلدنا الطيب يحتاج إلى مليون طن قمح، من سبع سنوات أجئ 3.5 مليون طن، السنة الماضية 3.5، وفي سنوات 600 ألف يأتي فإذا الله عز وجل ضاعف الغلة بتلاقي الأمور تيسرت، أنا رأيت بعيني في غوطة دمشق خمس وثلاثي سبلة قمح أصلهم حبة واحدة، أخذت سبلة وفركتها وعددت حبات القمح خمسين طلعوا، 50 × 35 = 1750 حبة من حبة، أحياناً يعطي الكيس كيس، أيام يعطي مائة كيس، والدليل القرآني.
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)﴾
( سورة الحجر الآية: 21 )
فهذا الدرس مهمته أن تعتمد في كل حدث تفسير الله عز وجل إن اعتمدت هذا التفسير أولاً أصبت الحقيقة، وثانياً تحركت حركة صحيحة الحركة الصحيحة أساسها التفسير الصحيح.
يعني مثلاً لو طالب اعتقد أن الأستاذ بآخر السنة بهدية ثمينة يعطيه الأسئلة، يدرس؟ مستحيل يدرس، أما إذا اعتقد الأستاذ نزيه، لو تعطيه مليار ما يعطيك سؤال تدرس، بين تعتقد أستاذ يمكن أن يأخذ رشوة ويعطيك الأسئلة، فلا تدرس، وبين أن تعتقد أنه لا يرتشي فتدرس فالاعتقاد خطير جداً، أي عقيدة لها منعكس في السلوك خطير، فلذلك أيها الأخوة:
﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾
( سورة النحل الآية: 43 )
﴿ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً (59)﴾
( سورة الفرقان الآية: 59 )
إذا شيء حيرك، ظاهرة حيرتك، ليش الله ما نصر أخوانا بشرق آسيا ليش، لها تفسير، لا تأخذ بكلام الناس، عملنا صلاة استسقاء المطر ما نزلت، اطلب التفسير، مو كل إنسان دع بنزل مطر، أو أهم شيء بالاستسقاء أن تزول المظالم، أهم شيء بالاستسقاء، كثير سهل نجتمع نقول يا رب اسقنا الغيث، سهلة جداً هي، بس الاستسقاء يحتاج إلى توبة إلى الله، توبة وأن تزيل كل المظالم عندئذٍ تأتي السماء بماء كفاه القرب.والحمد لله رب العالمين