الحناء تدخل عصر الكومبيوتر
معظم ثقافات الشرق متفقة حول ارتباطها بالأعياد والأفراح

البصرة: جاسم داخل الدمام: عواطف الثنيان
لا تكتمل فرحة العيد بدون الحناء. فهي عادة نسائية متوارثة تحرص عليها النساء العربيات، كما الشرقيات في آسيا، وبعض الغربيات ممن تأثرن بثقافات الشرق. ويحتفلن بها قبل العيد بثلاثة ايام، او في ليلة العيد نفسها. وتلتقي حولها الأجيال وفق عادات وتقاليد واحتفالات عائلية بهيجة تستعرض فيه الملابس الشعبية والبخور. وبها تسترجع المسنات عبق الماضي وتراثه. وليس مثل الحناء مادة اخرى من مواد الزينة تحمل في شكلها ولونها ورائحتها ما تحمل.
تاريخيا ارتبطت الحناء بالمرأة وزينتها فهي تستعمل في التجميل، فتخضب بمعجون أوراقها الأصابع والأقدام والشعر للسيدات، بالإضافة إلى استعمالها في أعمال الصبغة، وتستعمل أزهارها في صناعة العطور.
ومما شاع عند العرب من خواص الحناء، أنها تقوي الشعر وتمنع سقوطه، ونقل ابن البيطار عن بعضهم أن الحناء إذا عجنت بزيت وقطران، ووضعت على الرأس انبتت الشعر وحسنته، ولا يخفى أن الشرقيين قد استعملوها على مر السنين. فهم يخضبون شعرهم ولحاهم بالحناء فراراً من بياض الشيب فتتلون باللون الأحمر الادكن، وإن أرادوا اللون الأسود خلطوا الحناء بشيء من العفص أو الشب، وربما صبغ العرب شعر خيلهم أو ظهور أغنامهم بالحناء استحساناً للونها.
وطبعا لا يكتمل العيد من دون حناء. فتلك العشبة العطرية الصبغية المميزة تتعدد استخداماتها وتستعمل لأكثر من غرض: للعلاج والزينة وصبغ الشعر.. إلخ. وسميت باسمها ليالي الفرح: «ليلة الحناء» و«مجلس حناء العريس أو العروس». وقد عرفها العرب كغيرهم من بلاد الشرق المفتونة بالزينة والزخرف.
والمعروف ان الحناء نبات طبيعي، تشبه شجرته شجرة الرمان، ويصل طولها إلى 3 أمتار، ولها أوراق خضراء وأزهار بيضاء. وتكثر شجرة الحناء في السودان في شمال البلاد. وتتميز بقوة الرائحة وثمة عينة سودانية عالمية فرضت نفسها وصارت معروفة للمتحننات، وهي حنة «التاج» الشهيرة. وفي العراق تعد مدينة الفاو (99 كيلومترا) جنوب محافظة البصرة. من أشهر المناطق في زراعة أجود أنواع الحناء. ويصل اعتزاز العراقيين بحناء هذه المدينة، إلى حد تغنيهم بها يوم تحريرها من الاحتلال الإيراني عام 1987 في أنشودة تقول: (يا فاو أترابك كافوري..على الساتر هلهل شاجوري). يقول حميد كاظم، وهو مزارع لـ«الشرق الأوسط»: «عرفت الفاو زراعة الحناء منذ أزمان بعيدة، ويقال انها نقلت إليها من موطنها الأصلي في الهند عبر بعض البحارة، الذين استوطنوا فيها وانتشرت اشجارها لملائمة أجواء الفاو المعروفة بارتفاع درجة الحرارة المصحوبة بالرطوبة العالية في الصيف، والاعتدال بالشتاء مع الوفرة العالية للمياه».
وأضاف أن «ما يميز حناء الفاو عن غيرها، ما تمنحه من صبغة براقة حمراء داكنة، ورائحة زكية، مشيرا إلى أن قوة لونها تعتمد على طريقة تجفيف الأوراق قبل طحنها. فكلما كان تجفيفها تحت أشعة الشمس، أعطى لمعانا أكثر ومدة أطول لديمومة الصبغة، عكس الذي يجفف في الظل، مشيرا إلى زيادة الطلب عليها قبيل أيام الأعياد وفي حفلات الإعراس، إذ ارتبط استخدامها بموروث تراثي وإنساني مفعم بطقوس إيمانية وسط مباهج الفرح والسرور..».
وتوجد منها أصناف كثيرة (مثلا في العراق نجد: البلدي، الشامي، البغدادي والشاكية). وتختلف طرق وضعها وكميات استعمالها والمواد المصاحبة لإدامة لونها. ففي السعودية تضيف النساء دهن الورد الى خلطة الحناء او ملة الحناء وتسمي «ميسو» (تستخدمها كل النساء مع الحناء في السودان والهند واليمن، حتى تعطي رائحة طيبة للحناء) ويحضرنه بإضافة مغلي الليمون الاسود او الشاي الاحمر ثم يوضع بأكياس ويخزن بالثلاجة ليتخمر بعيدا عن الهواء والحرارة التي تقلل من قيمته وجودته. وتوصي الامهات بناتهن بالتخضب بالحناء سواء لتزيين الكفين والرجلين او لصبغ الشعر وتلوينه لاعتقادهن السائد بأنه بركة، كما يفتخرن ويتباهين به عند ما يزداد لونه القاني او عندما يميل الى السواد، اعتقادا بالمتعارف في الاوساط النسائية بأن «التي يصبغ بها الحناء يحبها زوجها، والتي لا يصبغ بها الحنا لا يحبها زوجها». وجرت العادة على التزين بالحناء قديما، بوضع نقطة في الوسط ثم تغلق اليد حتى تعطي آثارا جميلة. وما زالت هذه الطريقة لها شعبية واسعة عند الكبيرات بالسن في السعودية والسودان والعراق واليمن، اضافة الى استخدام عود الكبريت للحناء، او عود رقيق أو ابرة بعد كسر رأسها، او عود أسنان. وعادة يتم النقش بالحناء في المنازل أو تستدعي «الحناية»، كما يطلق عليها في السعودية، «الحنانة» في السودان و«النقاشة» في المغرب. ويسمح للفتاة فقط بالنقش على الاصابع حتى يتسنى للجميع معرفة العازبة من المتزوجة. ونادرا ما تستخدم النساء السعوديات الطوابع اللاصقة والجاهزة التي تباع في محال العطارين او عند «الحنايات»، التي تتضمن العديد من النقوش والرسوم، حيث تلصق على اليد ثم تحشى بالحناء الى ان يجف ويغسل مع امكانية استخدام بعضها اكثر من مرة وبتكلفة اقل، من دون اللجوء الى الحناية. لكن الكثير من السعوديات يرفضن استخدامها، حتى الفتيات الصغيرات، ليستمتعن بليلة الحناء كونها موروثا شعبيا لا يستغنى عنه. وعلى الرغم من انتشار الاصباغ «الدخيلة» على الحناء، فإن ذلك لم يحد من انتشار الحناء واهتمام النساء بها، إذ انتشرت صالونات الحناء وأصبح لهذا الفن خبيرات ومتخصصات، إضافة الى ظهور كتالوغات وكتيبات وتصميمات، بل ان بعض الصالونات بدأت تستخدم الكومبيوتر للاختيار. كما ظهرت انواع عديدة للحناء في الاسواق، منها الحناء السوداني والباكستاني والهندي والعماني واكثرها طلبا (حناء العروسة السوداء) الايراني، والحناء السوداني الاحمر (التاج)، وتقوم بعض الصالونات ببيع الحناء جاهزا بأقماع دقيقة وبأسعار مختلفة.
-------------------------------------------------------------------------------------------
الحـــــــنة

عرفت الحناء من آلاف السنين وهي نبات شجري جذوره حمراء وأخشابه صلبه، تحتوي على مادة ملونة تستعمل خضابا للأيدي والشعر لتلوينها، وهي من النباتات ذات الرائحة المميزة ويوجد منها أصناف كثيرة مثل : البلدي والشامي والبغدادي وأشهر نوع في السودان هو حنة الدامر. وقد استخدمها الفراعنة في التحنيط والتجميل واستخراج العطور ويقال إن موطنها الأصلي في إيران والهند.




ارتبطت الحناء مباشرة بالمرأة وزينتها فهي تستعمل في التجميل لخضاب الأصابع والأقدام والشعر. بالإضافة إلى استعمالها في أعمال الصباغة وتستعمل أزهارها في صناعة العطور. وتستعمل الحناء في التداوي من الأمراض ولها فوائد جمة وقد وجه الرسول ص إلى استخدامها لعلاج بعض الأمراض .


استعمالات الحنة:

لعلاج الصداع بوضعها على الجبهة
لعلاج تشقق القدمين وعلاج الفطريات المختلفة بالتخضب بها
في علاج بعض الأورام بعجنها ووضعها عليها
لعلاج قشر الرأس والتهاب فروه الرأس بوضعها على الرأس مدة طويلة إلى إن تتبخر فالمواد القابضة والمطهرة الموجودة بها تعمل على تنقية فروه الرأس من الميكروبات والطفيليات.


فن النقش:



نقش الحنة من أقدم فنون الزينة وقد ارتبط هذا النوع من فن التجميل بالمناسبات السعيدة غالبا كمناسبات الزواج والأعياد. وفي السودان يعد نقش الحنة من أهم مظاهر الزينة للمرأة السودانية خاصة المتزوجة. وتعد مناسبة وضع الحناء للعروس من مظاهر الزواج المهمة ولها يوم خاص يسمي يوم حنة العروس حيث توضع الحنة على أيدي وأرجل العروس وسط مظاهر الفرح من الصديقات والأهل علامة على دخولها الحياة الزوجية ولا يقتصر وضع الحناء على العروس فقط بل توضع أيضا للعريس في يوم خاص به أيضا كمظهر على الفرح ودخوله للحياة الزوجية وسط احتفال أهله وأصدقائه به.

حنة العروس

قبل ثلاث ليال من يوم الزفاف تجهز الغرفة التي بها العروس إيذانا ببدء مراسم ‏وضع الحناء ونقشها على يديها وقدميها من قبل امرأة متخصصة بهذا العمل تسمى ‏"الحنانة"، وتشمل تجهيزات الغرفة وضع "جريد النخيل الأخضر" الذي تزين به الجدران ‏في أشكال بديعة، ثم تفرش أرضية الغرفه بسجاد أحمر اللون، ويؤتى بسرير من الخشب ‏ ‏المخروط يوضع فوقه بساط من سعف النخيل يسمى "البرش" مطلي باللون الأحمر، وتجلس عليه العروس ‏مرتدية الثوب السوداني المعروف، ويكون أيضا أحمر اللون، وتوضع أمامها صينيه خاصة ‏مزينة بالورود الحمراء تعرف بـ "صينية الجرتق" عليها صحن مخلوط فيه الحناء ‏وزجاجات من الصندلية والمحلبية والسرتية، وهي مواد تستخدم في وضع الحناء، وتبدأ ‏ ‏الحنانة في نقش أشكال مزخرفة جميلة، وأثناء الرسم تغني صديقات العروس أغنية مشهورة ‏"العديل والزين".

حنة العريس

ربما تكون حفلات قبل ليلة الزفاف والتي يقيمها أصدقاء العريس وأقاربه في منازلهم، ثم احتفالاته هو بمنزله في «حنة العريس» وما يصحبها من غناء وفرح وحبور ورقص تخفف قليلا من رهق نفقات الزواج بالنسبة للعريس السوداني الذي يقع عليه عبء 95% من تكاليف الزواج. فما أن يتم تحديد موعد الزفاف وقبله بأسبوعين إلا ويبدأ أصدقاؤه بعمل ما يعرف بالقيدومة وهي حفلة تقام بمنزل صديق العريس للاحتفال بزفه الى عشه، ولا يكون فيها غير الطرب والرقص بحضور الفنانين المغنين وتناول الأطعمة. ويقيم «القيدومة» أحيانا أقارب العريس وعماته وخالاته كل في بيته، ثم بعد ذلك يأتي دور العريس ليدعو الأهل والأصدقاء وأقارب العروس «التي يمنع حضورها» الى «حنة العريس» وهو حفل بطقوس خاصة. ففى هذا اليوم يرسل أقارب العروس وجبة إفطار بكميات ضخمة الى منزل العريس ومعها الهدايا والعطور العديدة لأم العريس. وبعد أن ينتهي الحفل ويتناول الجميع العشاء، توضع صينية بها صحن كبير فيه حناء وفوقها تغرس الشموع ثم أطباق مليئة بالعطور المختلفة، ويجلس العريس مرتديا جلابية بيضاء على فراش مغطى باللون الأحمر وتحضر من النساء أكبرهن سنا وغالبا ما تكون الجدة فتغرس يدها في صحن الحناء وتضع جزءا منها على قدم العريس فتنطلق الزغاريد، ومن ثم يتناوبن النساء في وضع الحناء على القدمين، ومن ثم اليدين وبالطبع دون نقش، فقط تسوّد باطن القدمين وباطن الكفين وتضع شريطا من الحناء حول الأصابع على ظاهر اليد، وتدعو النساء أصدقاء العريس بالمشاركة في وضع الحناء أيضا على كفوفهم اليسرى وسط البهجة والزغاريد والغناء و«العديل والزين»، وتصبح الحناء على الكفين رمزا للعريس الجديد يتلقى التهاني من الناس في الشوارع والطرقات والمحال وأينما ذهب!.

تنتهي مراسم يوم «حنة العريس»، ويبدأ حفل الزفاف بعدها بيومين على الأغلب، يرتدي فيه العريس البدلة «الأفرنجية» وعادة ما يميل العرسان الى البدلة السوداء بربطة عنق حمراء ويوضع هلال صغير مذهب على البدلة، وتكحل عينا العريس. وبعد أن ينتهي حفل الزفاف، تبدأ طقوس ما يعرف «بالجرتق»، وهو طقس يشابه الى حد بعيد طقوس الزواج الهندية فتجلس العروس ـ التي تكون قد بدلت فستانا أحمر مع ثوب أحمر بفستان الزفاف الأبيض ـ تجلس على ملاءة حمراء من القطيفة اللامعة التي تصنع بلبنان، أما العريس فتهيئ له أمه أو أخواته أو قريباته أزياءه و«أكسسواراته» فيرتدي جلابية بيضاء و«هلالة» وهي عبارة عن هلال ذهبي يربط على جبين العريس برباط أحمر، ثم يضع حول عنقه سبحة سوداء تسمى «اليسر» مصنوعة من الحجارة الكريمة، ويرتدي طاقية بيضاء مذهبة الأطراف ويضع ثوب «السرتي» وهو قماش لونه أبيض بأطراف حمراء على كتفيه، ويحمل الخرزة أو الحريرة وهي حجارة كريمة سوداء برباط حريري أحمر في يده اليمني، ومن حولهما يتصاعد البخور وروائح الصندل والعطور وغناء النساء الداعيات لهما بالخير والبركة، ثم توضع صينية خشبية مطلية باللونين الأحمر والأسود عليها أوان خشبية من نفس اللونين توضع عليها العطور كـ«الضريرة» التي تمسح على رأسي العروس والعريس وهي عبارة عن مسحوق الصندل الجاف والمحلب مع بعض الدهن المعطر، ثم يقف العريس على الفراش رافعا سيفا يحيي به النساء المجتمعات حولهما، وبعدها يحمل زجاجة عطر يرشها على الجميع وينثر قطع الحلوى، ثم يرتشف العروسان اللبن ويرشاه على بعضهما البعض ثلاث مرات. فاللبن رمز للتفاؤل للحياة المستقبلية الهنية البيضاء الخالية من المشاكل والمعوقات.


طريقة عجن الحناء:

تقطع أوراقها وتجفف ثم تسحن و وتغربل ناعما ثم تعجن بالماء وتترك حتى تختمر وتصب عليها المحلبية أو السرتية وتوضع على أشكال مختلفة في الأيدي والرجل وتترك حتى يتشرب الجسم عصارتها وقد يعاد وضعها لتثبيت اللون وسواده. وقد برعت السودانيات بنقش أشكال الحنة حتى عرفن بها.