التّهْنِئةُ بالْعِيدِ
سُئل شيخ الِإسلام ابن تيمية عن التهنئة فأجاب (1) :
أما التهنئة يوم العيد، بقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد: تقبّل اللهُ منا ومنكم، و: أحالَ اللهُ عليك، ونحو ذلك، فهذا قد رُوي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخَّص فيه الأئمة، كأحمدَ وغيرِه، لكن قال أحمد: أنا لا أبتدىء أحداً، فإن ابتدأني أحدٌ أجبتُه، وذلك لأنّ جوابَ التحية واجبٌ ، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأموراً بها، ولا هو أيضاً مما نُهي عنه، فَمَن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة، واللّه أعلم (2) .
قال الحافظ ابن حجر (3) :
وَرُوِّينا في "المَحَامِليّات" بإسناد حسن عن جُبير ابن نُفير قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبّلَ الله منا ومنك ".
وذكر ابنُ قُدامة في "المُغْني " (2/259) أنّ محمد بن زياد قال: "كنتُ مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رَجَعُوا من العيد يقولُ بعضُهم لبعض: تقبّل اللهُ منا ومنك ".
قال أحمدُ: إسنادُ حديثِ أبي أُمامة جيد (4) .
وأمّا قولُ عامّةِ الناسِ بعضِهم لبعض: "كل عام وأنتم بخير" وما أشْبَهَهُ !! فهو مردودٌ غيرُ مقبولٍ، بل هو مِن بابِ قوله سبحانه: (أتستبدلون الذي هُوَ أدنى بالّذي هُوَ خَيْر) .

__________
(1) "مجموع الفتاوي " (24/253) .
(2) وقد أورد الجلالُ السيوطيُّ في رسالته "وصول الأماني بأصول التهاني" آثاراً عن غير واحدٍ من السلف فيها ذكر التهنئة، وهي مطبوعة ضمن "الحاوي للفتاوي " (1/ 81، 82) فلتراجع.
وانظر كتاب "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع" للعلامة علي القاري (87) وتعليق محققه عليه.
(3) "فتح الباري" (2/446) .
(4) وانظر "الجوهر النقي " (3/320) .
وقال السيوطي في "الحاوي" (1/81) : "إسناده حسن".