الِإذْنُ بسماع الدُّفِّ من الجُوَيْريَات
السماح بسماع الدف من الجويريات أحكام العيد
عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: دخل عَليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، وعندي جاريتان تُغَنِّيان (1) بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش وحَوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم !؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعهما"، فلما غفل غمزتُهما، فخرجتا. وفي روايةٍ أخرى: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا" (2) .
قال الإمام البغوي في "شرح السنة" (4/322) : بُعاث (3) يومٌ مشهور من أيام العرب، كانت فيه مقتلةٌ عظيمةٌ للأوس على الخزرج، وبقيت الحربُ بينهما مئة وعشرون سنة، إلى أن قام الإسلامُ، وكان الشعرُ الذي تُغَنَِّيان به في وصف الحرب والشجاعة، وفي ذِكْرِه معونةٌ لأمر الدين.
فاما الغناءُ بذكر الفواحش، والابتهارِ (4) بالحُرَمِ، والمجاهرةِ بالمنكر من القول، فهو المحظورُ من الغناء، وحاشاه أن يَجْري شيءٌ من ذلك بحضرته عليه الصلاة والسلام، فَيُغفل النكيرَ له..
وقولُه: هذا عيدنا؛ يعتذرُ به عنها أن إظهارَ السرورِ في العيدين شعارُ الدين، وليس هو كسائر الأيام. اهـ.
وقال الحافظ ابن حَجَر:
وفي هذا الحديثِ من الفوائد: مشروعيّةُ التوسعةِ على العيال في أيام الأعياد بأنواعِ ما يُحَصِّل لهم بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة، وأنَّ الإعراضَ عن ذلك أَوْلى، وفيه أنَّ إظهار السرور في الأعياد مِن شعار الدين (5) .
__________________
(1) وفي روايةٍ : "وليستا بِمُغَنيَتيْن "، وانظر "شرح مسلم"
(6/ 182) للنووي.
(2) الروايتان للبخاري (949) و (952) و (987) و (2907) و (3530) و (3931) ، ورواه مسلم (892) وأحمد (6/ 134) وابن ماجه (1898) .
(3) انظر "النهاية" (1/ 139) لابن الأثير الجَزَري.
(4) هو الاشتهار، وزناً ومعنىً.
(5) "فتح الباري" (2/443) وقد كتبت رسالة عن حكم الدف، نشَرَت مجلةُ المجتمع الكويتية الصادرة بتاريخ: 15 رمضان 1402 هـ قسماً منها.
ولقد توسّعت فيها، وزدت عليها أضعافها في كتاب مفصّل عنوانه: "الجواب السّديد على مَن سأل عن حكم الدفوف والأناشيد" يسّر الله إتمامه ونشرَه.