الإرساء

المرساة مؤثر حواسى ( لمس ، إبصار ، سماع ، شم ، ذوق ) له علاقة بحالة شعورية داخلية من الوعي بحيث أنه كلما حدث المؤثر مرة أخرى أو أعيد فإن الحالة توجد من جديد في المستفيد . المراسي هي ما نتمسك به ليقودنا فنستفيد من خبراتنا عبر الزمن . نستخدم المراسي لنتصيد الحالات التي نرغب فيها سواء كانت من الحاضر أو الماضي بحيث أن نجعل من هذه الحالات ، على واقعها أو بواقع جديد ، ذخراً نستعين به في موقف نحتاج فيه إلى التغيير إلى الأفضل سواء كان ذلك في الحاضر أو المستقبل . تظهر المراسي من حولنا بصورة طبيعية كل يوم . في ( البرمجة العصبية اللغوية ) نستخدم هذه العملية كأداة واعية لنجعل الحالات الشعورية الداخلية ( خاصة الإيجابية منها ) متوفرة في أوقات أو مواقف أخرى فنفرغ الحالات النفسية السلبية من طاقتها أو حتى ذكريات تلك الحالات والتي قد تقف في طريق حياة طبيعية تزخر بالراحة والنجاح وعلى أحسن الصور . ونستخدم المراسي كذلك لإعادة بناء العمليات الداخلية ولتغيير الإستجابات المستقبلية مع أوضاع معينة . الإرساء هو الأهم والأكثر قوة من مخزون ترسانة ( البرمجة العصبية اللغوية ) . عملية الإرساء تشمل الربط بين اللمس ، السماع ، الإبصار ، الشم ونظرياً التذوق بحالة داخلية عن طريق مؤثر أو مرساة بحيث أنه عند إعادة أو إطلاق المؤثر أو المرساة في الحاضر أو المستقبل فإن الحالة المرتبطة بهذه المرساة سوف تعود مجدداً . آلية الإرساء بسيطة وتتطلب المقدرة على إثارة حالة داخلية ثم مراقبة المتغيرات في هذه الحالة . خطوات إنشاء مرساة متحركة كالتالي : - عاير الحالة التي فيها المستفيد . - استحضر الحالة التي تريد أن ترسي . - عند وصول المستفيد إلى الحالة التي تريد . اصنع مرساتك بضغط واضح مستمر في مكان من جسده ( كاليد مثلاً ) يمكن أن تعود إليه بيسر . - أزل الضغط بمجرد تغير الحالة ويعرف ذلك بالمعايرة . - اكسر الحالة ، ثم أطلق مرساتك وذلك بالضغط على نفس المكان من يده ولنفس المدة الزمنية وبنفس الضغطة . ابقِ المرساة لمدة خمس إلى خمس عشرة ثانية . - عاير لترى إذا تغيرت الحالة الفسيولوجية للشخص إلى الحالة التي كان عليها عندما صنعت المرساة أول مرة ، فإن ذلك يدل على نجاح المرساة , وإلا أعد الخطوات مرة أخرى بدقة أكثر . عوامل مهمة للإرساء الناجح : كي نعمل إرساء بنجاح يجب أن نعمله في المكان المناسب والوقت المناسب وأن نستطيع إعادة المرساة بدقة . وهناك عوامل مهمة لتحقيق ذلك : - قوة الحالة التي يراد إرسائها . - صفاء الحالة . - توقيت المرساة . - كون المرساة فريدة . - قوة المرساة . - إمكانية إعادة أو تكرار المرساة إراديا عند الحاجة . يختلف الناس في الفترة الزمنية التي يحتاجونها ليظهر عليهم التغير في حالتهم الداخلية وفي قوة الحالة التي يحسون بها . بعض الناس يحدث التغير في حالتهم تقريباً على الفور وبعضهم قد يأخذ وقتاً طويلاً . وللإرساء الجيد الناجح فإن من المهم أن تؤقت جيداً فيما تفعله وأن تراقب السرعة التي ينتقل فيها المستفيد إلى الحالة المرادة . فإن كان الإرساء سريعاً فلربما أن المستفيد لم ينتقل إلى الحالة المرادة . وإن كان بطيئاً فلربما إنتقل المستفيد إلى حالة مغايرة غير الحالة التى تريد إرسائها . وهكذا فإن عُملت المرساة في وقت مبكر أو متأخر فإن الحاصل هو حالة مشوشة فقد تكون حالة مخففة أو تكون خليطاً من الحالة المرادة وحالة أخرى . أهم شيء لأجل الإرساء الجيد هو إرساء الحالة الصافية المرادة في قمة شدتها وهكذا فإن أحسن وقت للإرساء هو حينما يبدأ المستفيد في التغير إلى الحالة المطلوبة . وبإزدياد التغير تدريجياً تزداد قوة المرساة . وأحسن وقت لإطلاق المرساة هو قمة الشعور . وحالما يبدأ المستفيد في التغير مرة ثانية إلى حالة أخرى أوقف المرساة على الفور . وهكذا فإنه أمر فى غاية الأهمية أن تحسب وتلاحظ الوقت الذي يبدأ فيه المستفيد التغير إلى الحالة المطلوبة كذلك الوقت الذي يبدأ فيه الخروج منها . أفضل مؤشر للتغير هو التغير في التنفس وعليه فينبغي أن نكون دقيقين في مراقبة موقع وعمق التنفس لدى المستفيد الذي نتعامل معه . أشياء أخرى ينبغي ملاحظتها وهي لون الجلد ، لمعان الجلد ، توتر العضلات ، وحجم الشفة السفلية . تختلف شدة دخول الناس في الحالات المرادة . أحسن وقت لترسي حالة ما هو حينما يعيشها الإنسان فعلا . مع العائلة والأصدقاء المقربين فإن المرء لديه فرصة كبيرة كي يشاركهم خبراتهم وأن يكون على استعداد دائم للتعامل مع الحالة الإيجابية القوية حينما تأتي طبيعية فيرسيها كي تستخدم في المستقبل . ويمكن للمرء كذلك أن يرسي هذه الحالات لنفسه كما سنرى فيما بعد . بإنشاء بنك لهذه الحالات وبذلك يتوفر لديه مصدراً عظيماً لاستخدام هذه الحالات الإيجابية حين الحاجة إليها . في حالة عدم تمكن المرء من إرساء هذه الحالات الجيدة الإيجابية حالة حدوثها فإن من الضروري استحضار ذكراها فيما بعد للإفادة منها وهذا يتطلب براعة من جانب الممارس وتعاوناً من جانب المستفيد الذي يحدث له الإرساء . هناك طريقتان لتذكر خبرة أو تجربة ما مررت فيها بحالة داخلية معينة . الأولى أن ترى نفسك تعيشها مرة ثانية كما لو كنت تشاهد فيلما مصوراً عن نفسك . هذه الطريقة تسمى " الانفصال " وفي هذه الحالة يتذكر المستفيد التجربة ولكن بدلاً من أن يعيش المشاعر التي عايشها مسبقاً فإنه يعيش مشاعر من يراقب هذه التجربة وهى تحدث عن بُعد . أما الثانية فهي أن تعيش خبرة ما مرة أخرى وهي مهمة للإرساء وتسمى الاتحاد . وفي الاتحاد يعيش الإنسان التجربة بحذافيرها مشاهداً لما شهده حينها وسامعاً لما سمع وشاعراً بما شعر وهذا هو الأهم . في الاتحاد يتذكر المرء من داخله ما حدث تماماً . وللبدء في الإرساء الناجح فينبغي أن يكون المستفيد فى حالة اتحاد . ولعمل ذلك نقول مثلاً " ارخ أعصابك . اغمض عينيك . خذ نفساً عميقاً . الآن ! أريدك أن ترجع بذاكرتك إلى الماضي وتتذكر شيئاً أو أمراً كنت فيه غاية في السعادة . انظر إلى ما رأيت اسمع مرة أخرى ما سمعت حينها واشعر بما شعرت به . إذا رأيت نفسك في الصورة فإني أريدك أن تحلق عائداً إلى جسدك لتعيش التجربة كما حدثت " . ومن الأفضل أن تقول هذا بصوت هادئ ، واثق ميلتونى ومؤقتاً صوتك بتنفس المستفيد الذي تخاطب . بعض الناس قد يجدون صعوبة في تذكر تجارب سابقة في حالة الاتحاد . قد يتطلب ذلك مجهوداً عظيماً وبعضهم قد لا يمكن له أن يفعل ذلك على الاطلاق . في بعض الحالات فإن هؤلاء الناس قد يستطيعون تغيير مشاعرهم الحاضرة . في هذه الحالة قل للشخص شيئاً مثل : " أريدك أن تكون سعيداً للحظة ! اجعل الفرح بادياً عليك كما لو كنت فعلاً فرحاً ! قل ما تقول لو كنت سعيداً الآن ! تنفس بنفس الطريقة التي تتنفس بها كما لو كنت ممتلئا بالسعادة وأريده الآن . كن سعيداً مسروراً فرحاً . الآن ! " . هناك صعوبة تظهر أحياناً ألا وهي أن بعض الناس حينما يطلب إليهم أن يتذكروا وقتاً كانوا فيه غاية في السعادة فإنهم لا يستطيعون ذلك مطلقاً وبعضهم قد يتذكر أوقاتاً كثيرة عديدة وتظل ذاكرته تقفز بينها فلا يرسو على بر أبداً . كثير من الناس يخزن تاريخه على شكل ( جشتالتى ) أي كلّ واحد لا يتجزأ . وهؤلاء الناس يصعب إرساءهم . وفي إرساء خبرة أو ذكرى سابقة كالسعادة مثلاً فإن المرساة الأكثر فعالية هى الأكثر قوة من الخبرة الفعلية السابقة . بعض الذكريات تكون شديدة الأثر بحيث أنها تؤثر على الناس طيلة حياتهم . في علم النفس يسمون هذه الأشياء بـ " الصدمات النفسية " وقد ينتج عنها تجنب لكثير من الأشياء وهو ما يعرف بـ " الرهاب أو الخوف المرضى أو الفوبيا " . في حالة إرساء مشاعر ماضية فمن المهم للشخص المستفيد أن يختار أقوى تجربة لديه . هذه العملية قد تتطلب بضع دقائق . لتساعد على إنجاز هذه العملية فمن المفيد أن تقول شيئاً كالتالي : " أريدك أن تأخذ لحظة من الزمن تعود فيها إلى الماضي لتأخذ منه تجارب عديدة حينما كنت فرحاً وسعيداً وهانئاً ثم تختار منها أكثرها أثراً عليك . لا أريدك أن تعيش ذلك الفرح بل أن تتعرف عليه فقط . حين تعرفها أعلمنى بذلك . وإن كنت تريد مساعدة في هذا المجال كذلك دعني أعرف ذلك " بهذه الطريقة فإننا نكون قد جهزنا تجربة صافية كي نرسيها وكذلك فإننا نمنع عملية القفز بين الخبرات السابقة الكثيرة لدى المستفيد الذي قد يتركنا محتارين فيما يدور في ذهنه . تلخيصاً لما سبق نقول : في الإرساء نحتاج إلى إثارة خبرة صافية قوية عند المستفيد . أكد على خبرة واحدة معينة واجعله يتجنب القفز بين خبرات كثيرة لأن ذلك سوف يخفف كثيراً من أثر الإرساء . العامل الخطير الثاني في الإرساء هو أن تكون المرساة فريدة . هذا يتحدد بموقع المرساة على جسد المستفيد ، بمساحة أو حجم المرساة ، بالمدة التي أخذتها عملية الإرساء ، وقوة الضغط على مكان الإرساء . في عمل الإرساء يجب أن تختار مكاناً يمكن الوصول إليه بسهولة والعودة إليه بدقة . وكمسألة تطبيقية في حالة علاجية فإنني أخبر المستفيد دائماً مقدماً أنني أريد أن ألمس جسده في موقع محدد وأنني أريد الإذن بذلك . وفي أحوال غير علاجية حيث تعمل إرساء بطريقة خفيفة فيجب أن يكون اللمس طبيعياً ومناسباً . وليكون ذلك سهلاً تصرف طبيعياً واجعل لمسك عادياً ، أما إن كان مباشراً وواضحاً ومتعمداً فسيبدو غير طبيعي وغير ملائم وسوف يثير الريبة . من المهم في الإرساء أن تختار مكاناً لا يلامسه الآخرين كثيراً ، ليس فيه جروح أو ندب أو كدمات لأن هذه الأشياء كلها تشكل مراسي سلبية . الإنسان ربما يكون لديه مراسي سلبية في بعض مناطق جسده والتي قد يكون مدركاً لوجودها أو غير مدرك . وعادة لا توجد طريقة لمعرفة ذلك مقدماً لذلك يجب أن تعاير جيدا فتتوقف إن وجدت تفاعلاً سلبياً وأرسى في مكان آخر . لا تعمل إرساء في مكان كثيراً ما يلمس الأشياء مثل راحة اليد وذلك لأنها تحتوي على كثير من المراسي ولأن أي إرساء تعمله فسوف يزول بسرعة إن حصل لمس للراحة بعد ذلك . وعند اختيار مكان للإرساء ينبغي ألا يكون مغطى بالملابس لأن الملابس تتحرك على الجسد ويضيع بذلك المكان ولا يمكن العودة إليه بدقة . هناك مكان جيد للإرساء ألا وهو خلف الرأس . وأنا شخصياً أعلم المستفيد بأنني سوف ألمس رأسه في ذلك المكان مسبقاً كذلك أطلب إليه أن يضع راحتيه على ركبتيه بحيث أستطيع أن أتحرك بسهولة حوله . وعند عمل إرساء بطريقة خفية فإنه من الضروري أن تفعل ذلك في منطقة الكتفين أو الأكواع . وللعودة إلى تلك الأماكن بدقة فإنه قد يلزمك تدريب لوقت طويل . لذلك فإن من المهم أن يكون المكان المختار سهلاً في الوصول إليه مرة أخرى وبدقة . لا ينبغي أن تكون غير متوازن فيما يبدو للآخرين ولا غير مرتاح في عملية الإرساء وربما لزم أن تعود إلى نقطة الإرساء سريعاً إذا بدأ المستفيد الدخول في الحالة على الفور . إذن نقطة الإرساء مهمة جداً ويجب أن تعد مسبقاً في الذهن وأن تؤمن طريقة لعودة إليها بدقة وسهولة . وإذا عملت مراسي لأشخاص عدة فيجب أن تجعل لنفسك نظاماً معيناً يذكرك بالمراسي . إن احتجت فاكتبهم على ورقة خاصة إن كنت تتعامل معهم باستمرار . كذلك فإن من الأسهل أن تعمل مرساة على مساحة صغيرة بدلاً من أخرى أكبر لترجع إليها وتكررها حين الحاجة . ولهذا السبب ولعمل مراسي دقيقة فإنه يستحسن أن تستخدم أظافرك على براجم المستفيد ولكن لا تزد على طرف أصبعك , أما إذا استخدمت أصابع عديدة أو كل يدك فإنه سوف يصعب عليك العودة إلى نفس المكان بدقة . كذلك لا يفضل استخدام ضغطاً متنقلاً أي في أماكن مختلفة أو تقرص المستفيد لأن الرجوع إلى نفس المكان أمر غير قابل للتطبيق ، تحدث عملية الإرساء على المكان الذي تلمس فيه المستفيد . لقد رأيت مبتدئين يعملون مراسي بحذر كبير واهتمام بأحد أصابعهم وناسين بأن أصابعهم الأخرى أو يدهم الثانية تلامس يد المستفيد أو ركبته . لذلك فإن من المهم أن تلامس المستفيد في مكان المرساة فقط وألا يلمس جسدك جسدهم في أي مكان آخر . وهكذا فإن المرساة المثالية هي التي تعمل في مكان واضح لا ينسى ويسهل العودة إليه كمكان منخفض أو فيه بقعة نمش أو ما إلى ذلك . وإن لم يكن الحال كذلك كما في حالة المراسي الخفية ( أي التي لا تريد أنت أن تكون واضحة للشخص الذي تجريها عليه ) فإنه قد يلزم أن تتحسس طريقك لأحسن وأدق مكان بينما تقيم الوضع في كل لحظة حتى تصل إلى ما تبغى . في عمل الإرساء يلزم عمل ضغط ثابت ومستمر . الضغط ينبغي ألا يكون مسبباً للألم وألا يكون ضعيفاً كذلك . يميل المبتدئون إلى الخوف من لمس المستفيدين مما يؤدي إلى نتائج ضعيفة . كذلك يفضل زيادة الضغط تدريجياً كلما تعمق المستفيد في الخبرة السابقة . من المهم لمس المستفيد بقوة كافية ولمدة كافية . أما مجرد اللمس السريع الذي يميل إليه المبتدئون فلن يؤدي الغرض إذ ينبغي إستمرار اللمس المناسب لمدة خمس إلى خمسة عشرة ثانية ويمكن زيادة ذلك إلى دقيقة أو أكثر من ذلك . في تعلم الإرساء وفي المواقف العلاجية حين يكون المستفيد يريد العلاج فإنه ينصح بأن تسأل المستفيد أن يعطيك إشارة حين يدخل في التجربة وحين خروجة منها . هذه المعلومات تفيد الممارس في تعلم معايرة الحالة كذلك فعند إختبار المرساة اسأل المستفيد إن كنت قد مررت بنفس الحالة التى أرسيتها مرة أخرى . في كل مرة تصنع فيها مرساة ينبغي أن تختبرها لترى مدى فعاليتها . وأحسن الطرق لفعل ذلك أن تشد انتباه المستفيد إلى شيء آخر ثم المس المرساة في المكان الصحيح بنفس الضغطة وللفترة الضرورية بينما تراقب استجابة المستفيد . تكون المرساة ناجحة إذا تغيرت فسيولوجية المستفيد إلى الحالة التي كانت عليها حينما عملت المرساة للمرة الأولى , ليس ضرورياً أن يرى المستفيد نفس الصور مرة ثانية أو يمر بالحالة لفترات قصيرة جداً تزول بسرعة . هذا كثيراً ما يحدث ولكنه ليس ضرورياً طالما أن الفسيولوجيا تتغير . وأهم تغير في فسيولوجيا المستفيد هو التنفس , إذا لم يظهر التغيير حين تختبر المرساة فإنها غير ناجحة وينبغي إعادة الإرساء بدقة أكبر .