العقيدة الاسلامية - اسماء الله الحسنى 2008 - الدرس (055-100)أ : اسم الله العظيم 1لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-01-05


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( العظيم ):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم العظيم.
ورود اسم العظيم في القرآن الكريم:
اسم الله العظيم ورد في القرآن الكريم، ورد منفرداً في قوله تعالى:
﴿ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
( سورة الحاقة )
﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيم ﴾
( سورة الحاقة )
وقد ورد أيضاً مقترناً باسم الله العلي في موضعين. ﴿ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) ﴾
( سورة البقرة )
﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) ﴾
( سورة الشورى)
ورد الأمر بالتسبيح باسم الله العظيم:
الآن وقد ورد الأمر بالتسبيح باسم الله العظيم:
﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74) ﴾
( سورة الواقعة)
هذا الأمر ورد في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم موضعان في سورة الواقعة والثالث في سورة الحاقة، ففي أمر في القرآن الكريم يقتضي أن تسبح باسم الله العظيم وكل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك. ورود اسم العظيم في السنة المطهرة في كثير من المواضع:
أيها الأخوة، وقد ورد هذا الاسم في السنة المطهرة في كثير من المواضع، من هذه المواضع ما أخرجه الإمام البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم:
(( كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ))
وفي سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم :
(( أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ))
هذه المواضع التي ورد فيها اسم العظيم في الكتاب والسنة. تعريف العظيم من حيث اللغة:
الآن من حيث اللغة العظيم صفة مشبهة باسم الفاعل لمن اتصف بالعظمة، الفعل عظم يعظم عظماً، يعني كبر واتسع وعلا شأنه وارتفع، ولفلان عظمة عند الناس أي حرمة يعظم لها، أعظم الأمر وعظّمه فخّمه، التعظيم التبجيل، العظيمة النازلة الشديدة الملمة الكبيرة، العظمة الكبرياء، عظمة العبد هنا كبره المذموم وتجبره، وإذا وصف العبد بالعظمة فهو ذم لأن العظمة لله في الحقيقة، وعند البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ أَوْ اخْتَالَ فِي مِشْيَتِهِ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ))
العبد عبد والرب رب، شأن العبد التواضع وشأن الرب أنه عظيم:
(( الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني منهما شيئا أذقته عذابي ولا أبالي ))
[ أخرجه أحمد، وأبو داود وابن ماجة عن أبي هريرة، ابن ماجة عن ابن عباس ]
أية أمة أرادت أن تبني مجدها على أنقاض الآخرين قصمها الله تعالى:
أقول لكم هذه الحقيقة: أية أمة أرادت أن تبني مجدها على أنقاض الآخرين، أنقاض الشعوب، ادعت العظمة والكبر والاستعلاء والاستكبار والتغطرس قوم عاد قالوا:
﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾
( سورة فصلت الآية: 15 )
الحقيقة أن قوم عاد نموذج للأقوام المستعلية فقوم عاد تفوقوا في شتى المجالات: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) ﴾
( سورة الفجر )
تفوقوا في شتى المجالات ومع التفوق تغطرس: ﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾
( سورة فصلت الآية: 15 )
وما أهلك الله قوماً إلا وذكرهم أنه أهلك من هو أشد منهم قوة إلا عاداً حينما أهلكها قال: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً (15) ﴾
( سورة فصلت )
يعني ما كان فوق عاد إلا الله، وأحياناً تبدو قوة كبيرة جداً معها أسلحة فتاكة شريرة لا ترى أن فوقها إلا الله، وما أهلك الله قوماً إلا وذكرهم أنه أهلك من هو أشد منهم قوة إلا عاداً حينما أهلكها قال: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً (15) ﴾
( سورة فصلت )
تفوق قوم عاد في جميع المجالات:
1 ـ في البنيان:
عاد تفوقت في البنيان:
﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ﴾
( سورة الشعراء )
2 ـ في الصناعة:
وهؤلاء القوم بظاهر الآية تفوقوا في الصناعة إن صحّ التعبير:
﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾
( سورة الشعراء )
3 ـ في الناحية العسكرية:
وهؤلاء القوم تفوقوا في الناحية العسكرية، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾
( سورة الشعراء )
4 ـ في الناحية العلمية:
وهؤلاء القوم تفوقوا في الناحية العلمية، قال عز وجل:
﴿ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾
( سورة العنكبوت )
تفوقوا في البناء، في الصناعة، في القوة العسكرية، في العلم، مع تغطرس من أشد منا قوة ؟ صفات قوم عاد قد تنطبق بالتمام والكمال على عاد الثانية:
الله عز وجل قال:
﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ﴾
( سورة النجم )
من معاني هذه الآية، أهلك عاداً الأولى ماذا تعني ؟ أنا إذا قلت لك خذ هذه الدفعة الأولى يعني أن هناك دفعة ثانية فإذا قال الله عز وجل: ﴿ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ﴾
فكأن الآية تشير إلى أن هناك عاداً ثانية، يعاني منها العالم ما يعاني، على كل أهلكها: ﴿ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾
( سورة الحاقة )
عاد ماذا فعلت ؟ ﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ﴾
( سورة الفجر )
لم يقل: طغوا في بلدهم، بل ﴿ فِي الْبِلَادِ ﴾
﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾
( سورة الفجر )
في قصف وفي إفساد، القصف بالصواريخ والطائرات والإفساد بالأفلام: ﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾
( سورة الفجر )
هذه صفات قوم عاد وقد تنطبق بالتمام والكمال على عاد الثانية. المؤمن الحق من ذكر الله كثيراً:
أيها الأخوة، النقطة الدقيقة جداً في هذا الاسم لا بد من تمهيد، الله عز وجل يقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) ﴾
( سورة الأحزاب )
نحن بالطباعة في عندنا طريقة في إبراز أهمية الكلمة، أحياناً تلون بلون أحمر طريقة، أحياناً تكتب بحرف عريض أسود، أحياناً يوضع تحتها خط للفت النظر إلى أن هذه الكلمة أساسية في الجملة هي مركز الثقل لأن المنافق يذكر الله، قال تعالى: ﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) ﴾
( سورة النساء)
الأمر هنا لا ينصب على الذكر ينصب على الذكر الكثير: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) ﴾
( سورة الأحزاب )
الأمر هنا لا ينصب على الذكر الكثير. الإيمان المنجي أن تؤمن بالله العظيم:
إذا قال الله عز وجل:
﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيم ﴾
( سورة الحاقة )
إبليس آمن بالله: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ (82) ﴾
( سورة ص)
﴿ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) ﴾
( سورة الأعراف)
﴿ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) ﴾
[ سورة الأعراف ]
إبليس آمن، الإيمان المنجي أن تؤمن بالله العظيم، طالب أمامه أستاذ عريض المنكبين طويل القامة جهوري الصوت، هذا الأستاذ ملء سمعه وبصره لكن هذا الطالب بعيد عن جو الدراسة، يأتي إلى المدرسة خوفاً من أبيه، لا ينتبه إلى الدرس إطلاقاً ولا يعبأ بكلمات المدرس ؛ بل يتلهى، فهذا الطالب مؤمن بوجود هذا الأستاذ لأنه يملأ السمع والبصر، صوت جهوري وقامة مديدة منكبين عريضين لكن هو لا يعبأ لا بدرسه ولا بكلامه ولا بما عنده من علم، يتلهى عنه، نقول هذا الطالب مؤمن بوجود هذا المدرس لكن ما آمن به أستاذاً عظيماً، أستاذاً عالماً، أستاذاً عنده مبادئ وحقائق مسعدة هنا المشكلة: ﴿ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
( سورة الحاقة )
أي إنسان مقيم على معصية إيمانه لا قيمة له:
لمجرد أن تقول يا الله، هذا إيمان بالله أحياناً يقول اللص يا رب تستر، هو ماذا يفعل ؟ يرتكب معصية، يخرق قوانين الله عز وجل، ولكن عنده إيمان إذا الله ستره ستره يا رب تستر، و أحياناً تقول الراقصة: الله وفقها بهذه الرقصة أحياناً، هذا إيمان لكن هذا إيمان ليس ينجي، لا يقدم ولا يؤخر.
لذلك أي إنسان مقيم على معصية إيمانه لا قيمة له، لا وزن له. كفى بالمرء علماً أن يخشى الله، و كفى به جهلاً أن يعجب بنفسه أو أن يعجب بعمله أو أن يعجب بعلمه، حينما تقول يا الله ولست مطيعاً له لا تقم لهذا الإيمان وزناً، لا تعبأ بإيمانك إطلاقاً:
كل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا
* * *
الخط الأحمر تحت عظيم، الحرف العريض الأسود تحت عظيم. ﴿ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
( سورة الحاقة )
طريق الإيمان بالله العظيم أن تتفكر في خلق السماوات والأرض:
إذاً ينبغي أن تؤمن بالله العظيم، وطريق الإيمان بالله العظيم أن تتفكر في خلق السماوات والأرض:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
( سورة آل عمران )
يعني لمجرد أن تخرق منهج الله، لمجرد ألا تقيم أمر الله، لمجرد أن تعصي الله إياك أن تتوهم أن إيمانك بالله له قيمة أو له وزن أو ينجي، الإيمان الذي أراده الله هو الإيمان الذي يحملك على طاعة الله، هو الإيمان الذي يستدعي أن يراك الله حيث أمرك وأن يفتقدك حيث نهاك، الإيمان الذي يعتد به: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) ﴾
( سورة يونس)
هذا موضع في هذا اللقاء مهم جداً: ﴿ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
( سورة الحاقة )
الله جلّ جلاله عظيم قدره جاوز حدود العقل:
الله جلّ جلاله عظيم أي أن قدره جاوز حدود العقل، العقول كلها لا يمكن أن تحيط بعظمته، كل ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك، وجلّ الله عن تصور كنهه وحقيقته كل وهم، لا يعرف الله إلا الله حتى سيد الأنبياء والمرسلين هو أعلى بني البشر علماً لكن علمه لا يمكن أن يكون علماً مطلقاً، العلم نسبي، أعلمنا بالله، هكذا قال النبي الكريم: أنا أشدكم لله خشية وأعلمكم بالله.
فهو العظيم الواسع الكبير في ذاته وصفاته، عظمة الذات دلّ عليها كثير من النصوص، الله عز وجل كما هي العادة له ذات وله صفات وله أفعال، هو عظيم في ذاته، عظيم في صفاته، عظيم في أفعاله، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة.
عظمة ذات الله عز وجل:
تصور الصحراء الكبرى فيها حلقة كالخاتم، ما السماوات السبع، السماوات السبع بين الأرض وبين بعض النجوم التي اكتشفت حديثاً أربع وعشرين مليار سنة ضوئية والضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، يعني ثلاثمئة ألف كيلو متر بستين بالدقيقة، بستين بالساعة، بأربع وعشرين باليوم، بثلاثمئة وخمسة وستين بسنة بأربع وعشرين ملياراً، مع أن أقرب نجم ملتهب إلى الأرض عدا الشمس يبعد عنا أربع سنوات ضوئية، ولو أردنا أن نصل إلى هذا النجم بمركبة أرضية لاحتجنا إلى خمسين مليون عام لنصل إلى أقرب نجم ملتهب عدا المجموعة الشمسية، أما هذا النجم الذي اكتشف حديثاً بعده عنا أربع وعشرين مليار سنة ضوئية، قال تعالى:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
( سورة الواقعة )
﴿ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
( سورة الحاقة )
ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة.
كل ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك، تلك عظمة الذات. الله عظيم في ذاته وعظيم في صفاته وعظيم في أفعاله:
أما عظمة الصفات فالله جل جلاله له علو الشأن كما قال في كتابه:
﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) ﴾
( سورةالشورى)
وقال أيضاً:
﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) ﴾
( سورة مريم)
وإذا كان عرشه قد وصف بالعظمة وخصّ الله هذا العرش بالإضافة إليه، رب العرش العظيم والاستواء عليه، واستوى على العرش، فما بالك بعظمة من استوى عليه وعلا فوقه، ينبغي أن نعلم أيها الأخوة أن عظمة الله في ذاته، فالله عظيم في ذاته وعظيم في صفاته وعظيم في أفعاله.
هذا الزلزال الذي وقع في تسونامي قوته مليون قنبلة ذرية، كن فيكون زل فيزول، هذا الإله العظيم يعصى ؟ ألا يخطب وده، ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟ ﴿ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) ﴾
( سورة القلم )
﴿ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) ﴾
( سورة الزمر)
من تحدى خالق السماوات و الأرض إنسان أحمق:
الله عز وجل عظيم في وجوده، عظيم في علمه، عظيم في قدرته، عظيم في قهره، عظيم في سلطانه، لما أصدروا نشرة لباخرة أن القدر لا يستطيع إغراقها وكان على متنها نخبة أغنياء أوربا، قيمة حلي النساء بالمليارات، هي مدينة عائمة في أول رحلة لها من بريطانيا إلى بوسطن، ارتطمت بجبل ثلجي شطرها شطرين، فقال بعض القساوسة إن غرق هذه الباخرة درس بليغ من السماء إلى الأرض، وما أكثر العبر الآن، نرسل مركبة فضائية نسميها المتحدي بعد سبعين ثانية تصبح كتلة من اللهب، نرسل بعد خمس سنوات مركبة أخرى اسمها كولومبيا في طريق العودة تتحطم قبل وصولها إلى الأرض، الإنسان المتأله هو إنسان أحمق، الإنسان المستكبر هو إنسان غبي، فهذا الذي يتحدى خالق السماوات والأرض هو في قبضته، كن فيكون زل فيزول.
عدم استطاعة قوة على وجه الأرض أن تفسد على الله هدايته لخلقه:
هذا الذي أراد أن يشوه صورة النبي عليه الصلاة والسلام، أنا أشبهه بإنسان أحمق حمقاً لا حدود له، غبي غباءً لا مثيل له، أراد بسذاجة حمقاء أن يطفئ نور الشمس ببصقة من فمه، الشمس كانت في كبد السماء وقت الظهيرة فجعل وجهه موازياً لقبة السماء وبكل عزم بصق نحو الأعلى بصقة ارتفعت أربعين سنتمتراً ثم ارتدت على وجهه، وبين وجهه والشمس مئة وستة وخمسين مليون كيلو متر، وتبقى الشمس في عليائها، وما ضرّ السحاب نبح الكلاب، وما ضرّ البحر أن ألقى فيه غلام بحجر، ولو تحول الناس إلى كناسين ليثيروا الغبار على هذا الدين ما أثاروه إلا على أنفسهم، ولن تستطيع قوة على وجه الأرض أن تفسد على الله هدايته لخلقه لقوله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ (36) ﴾
( سورة الأنفال)
الله لن يسمح لجهة في الأرض طاغية أن تكون طاغية إلا ويوظف طغيانها لخدمة دينه:
أية أمة مهما تكن قوية طاغية متغطرسة مستكبرة مستعلية أرادت أن تبني مجدها على أنقاض الشعوب، وأن تبني غناها على إفقار الشعوب، أن تبني عزها على إذلال الشعوب، أن تبني حياتها على موت الشعوب، أن تبني أمنها على إخافة الشعوب نجاح خططها هذه الأمة القوية على المدى البعيد يتناقض مع وجود الله، لأن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي:
(( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ ))
[أبو داود، ابن ماجه، أحمد ]
لذلك الله عز وجل لا يسمح لجهة في الأرض طاغية أن تكون طاغية إلا ويوظف طغيانها لخدمة دينه والمؤمنين من دون أن تشعر ومن دون أن تريد وبلا أجر وبلا ثواب. أي إنسان لا يدخل الله عز وجل في حساباته هو إنسان غبي:
كيف أن للأشخاص آجالاً، الإنسان مهما طغى وتجبر لا بد من ساعة يموت فيها وسبحان من قهر عباده بالموت، تماماً كما أن لكل واحد منا أجل اعملوا ما شئتم لا بد أن ترجع إلى الله:
﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) ﴾
( سورة الغاشية)
كما أن لكل واحد منا أجل دققوا الآن: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾
( سورة الأعراف الآية: 34 )
أعطيت فرصة امتحنها الله فطغت وبغت وتجبرت وتغطرست فأهلكها الله عز وجل:
﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾
( سورة المؤمنون الآية: 44 )
كانت قوة عظمى أصبحت خبراً يتندر به، وأي إنسان لا يدخل الله عز وجل في حساباته فهو غبي غباءً لا حدود له لذلك لا يليق بنا أن نكون لغير الله.والحمد لله رب العالمين