العقيدة الاسلامية - اسماء الله الحسنى 2008 - الدرس (042-100)أ : اسم الله الأول 1لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-11-04


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( الأول ):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم "الأول".
ورود اسم الأول في القرآن الكريم و السنة الشريفة:
ورد هذا الاسم في قوله تعالى:
﴿ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
( سورة الحديد )
وهذا الاسم أيضاً ورد في السنة الصحيحة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( اللهم أَنت الأولُ فليس قبلك شيء، وأنت الآخِرُ فليس بَعدَك شيء، وأنت الظَّاهِرُ فليس فوْقَك شيء، وأنت الباطِنُ فليس دُونَك شيء، اقْضِ عنا الديْنَ وأغْنِنا من الفقرِ ))
[أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة ]
حقوق العباد مبنية على المشاححة و حقوق الله مبنية على المسامحة:
بالمناسبة:
(( من أخذ أَموال الناس يُريدُ أَداءها أدَّى الله عنه ))
[ أخرجه البخاري عن أبي هريرة ]
أي وَفَقه لوفاء الدين، إذا ملكت رغبة صادقة أن تؤدي هذا الدين.
(( من أخذ أَموال الناس يُريدُ أَداءها أدَّى الله عنه ))
أي وفقه برزق وفير مكنه أن يفي دينه.
(( ومن أخذ أَموال الناس يُرِيدُ إِتْلافها ))
[أخرجه البخاري عن أبي هريرة ]
أن هذا غني، لا أرد له الدين، ((أتلفه الله ))
تتوقع الحديث أتلفها، أتلفه.
أيها الأخوة:
(( يُغْفَرُ للشهيد ))
الذي قدم أثمن ما يملك، قدم حياته.
(( يُغْفَرُ للشهيد كلُّ ذَنْب إلا الدَّيْنَ ))
[ أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر بن العاص ]
لأن حقوق العباد مبنية على المشاححة، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة.
أيها الأخوة، أحد أصحاب النبي توفاه الله عز وجل، فجاء النبي ليصلي عليه قال: أعليه دين ؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، ما صلى عليه، فلما قال أحد الصحابة: يا رسول الله عليّ دينه، فصلى عليه، لكن في اليوم التالي سأل هذا الضامن أأديت الدين ؟ قال: لا، في اليوم الثالث سأل هذا الضامن: أأديت الدين ؟ قال: لا، في اليوم الرابع سأل هذا الضامن أأديت الدين ؟ قال: نعم، قال عليه الصلاة والسلام: الآن ابترد جلده.
يعني ابترد جلده وهو صحابي جليل، وخاض مع رسول الله كل المعارك، وقدّم كل ما يملك، ومات شهيداً، فلم يغفر له ما تعلق بذمته من الدين، فما بال الملايين من المسلمين يقترضون وفي نيتهم ألا يؤدون ؟. الذنوب ثلاثة أنواع: ذنب يغفر و ذنب لا يغفر و ذنب لا يترك:
أيها الأخوة، ذنب يغفر، وذنب لا يغفر، وذنب لا يترك، الذنب الذي يغفر ما كان بينك وبين الله، والذنب الذي لا يغفر هو الشرك بالله، والذنب الذي لا يترك هو ما كان بينك وبين العباد.
لا بد من توضيح دقيق للإخوة الكرام: النصوص التي يتوهمها المسلمون أنها تغطي كل الذنوب هم واهمون.
(( من حج لله عز وجل فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ، رجع كيوم وَلَدَتْهُ أمُّه ))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة ]
أية ذنوب ؟ ما كانت بينه وبين الله وحدها، لكن ما كان بينك وبين العباد لا يغفر إلا بالأداء أو المسامحة.
(( من صام رمضانَ إيمانا واحتسابا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ ))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]
ما كان بينك وبين الله فقط، لكن ما بينك وبين العبادة لا يغفر إلا بالأداء أو المسامحة، هذه حقيقة مرة، لكنها أفضل ألف مرة من الوهم المريح، حتى الإنسان لا يكون ساذجاً، يحج ويتوهم كل ما عليه من حقوق قبل الحج غفرها الله، حقوق العباد لا تغفر إلا بالأداء أو المسامحة:
(( يُغْفَرُ للشهيد كلُّ ذَنْب إلا الدَّيْنَ ))
[ أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر بن العاص ]
مرة ثانية:
(( من أخذ أَموال الناس يُريدُ أَداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذ أَموال الناس يُرِيدُ إِتْلافها ـ لم يكن الحديث أتلفها الله، الحديث عن هذه الأموال، إما أن الله أدى عنه هذه الأموال وأتلفها ـ قال: أتلفه الله ))
[ أخرجه البخاري عن أبي هريرة ]
الله عز وجل أول لأنه لم يسبقه بالوجود شيء:
أيها الأخوة، الله أول، لأنه لم يسبقه بالوجود شيء، وهو الذي علا بذاته وشأنه مبتدئاً فوق كل شيء، وهو الذي لا يحتاج إلى غيره في شيء، يحتاجه كل شيء في كل شيء، وهو لا يحتاج إلى غيره في شيء، وهو المستغني بنفسه عن كل شيء.
هذا الإله العظيم ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟ أيغفل الإنسان عنه ؟ لم يسبقه في الوجود شيء، وهو الذي علا بذاته، وشأنه، رواية أخرى: فوق كل شيء، وهو الذي لا يحتاج إلى غيره في شيء، وهو المستغني بنفسه عن كل شيء.
هو "الأول" كن مع "الأول" لا تكن مع المتأخر، لا تكن مع الفرع، لا تكن مع إنسان قوي، كن مع أقوى الأقوياء، لا تكن مع إنسان يبدو لك غنياً، كن مع أغنى الأغنياء، لا تكن مع إنسان يدعي العلم، كن مع العلم المطلق، هو الله عز وجل، لا تكن مع الجميل، وقد ضحيت من أجله بكل شيء، كن مع مانح الجمال.
(( إن الله جميل يحب الجمال ))
[ أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن مسعود ]
من معاني "الأول" :
1 ـ الله سبحانه وتعالى سبب كل شيء:
إخوانا الكرام هذا الاسم يحتاج إلى شرح كثير، من معاني "الأول" الذي يترتب عليه غيره، يعني إنشاء بناء يحتاج إلى مال، المال أول، معك مال تفكر بإنشاء بناء، بالمعنى الفلسفي، الأول هو الشيء الذي يترتب عليه غيره، بل هو الشيء الذي يبنى عليه شيء، بل هو النتيجة التي تؤسس على مقدمة، هذا المعنى سببي، يعني الله عز وجل أول يعني سبب كل شيء.
الدجاجة من البيضة، والبيضة من الدجاجة، هذا التسلسل لا ينتهي، في النهاية من خلق الدجاجة الأولى ؟ الله عز وجل، "الأول"، أي حديث، أي شيء، تتبعه إلى بداياته في النهاية تصل إلى الله، هو "الأول".
إذاً هذا المعنى الأول للأول أن الله سبحانه وتعالى سبب كل شيء، بل هو مسبب الأسباب، المعنى الأول سببي، وبالتالي معنى زمني، سببي زمني.
2 ـ الله عز وجل الأول في كل شيء:
المعنى الثاني: "الأول" رتبي، أوضح شيء، مثلاً فلان الأول في التجارة، فلان الأول في العلم، فلان الأول في الحكمة، معنى رتبي، يعني من حيث النوع هو فوق كل شيء، أعلى شيء، الأول على كل شيء، هذا الطالب هو الأول، قد يكون أصغر طالب في الصف، الأول لا يعني هو الزمن إطلاقاً، المعنى الأول سببي زمني، لا شك أن الأب قبل الابن، لأن الأب سبب ابنه، الأب سبب الابن، وفي الوقت نفسه ولد قبل الابن، لأنه أصل، الآية التي تؤكد هذا المعنى، قوله تعالى:
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
( سورة الرحمن )
هناك تساؤل: أن يا رب أيعقل أن تعلم الإنسان القرآن قبل أن تخلقه ؟ ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ ﴾
نقول نحن: هذا الترتيب في الآية ليس ترتيباً زمنياً، لأنه لو كان ترتيباً زمنياً الفكرة غير معقولة، إنسان يعلم قبل أن يُخلق ؟ يُخلق ثم يعلم، هذا الترتيب رتبي، بمعنى أن وجود الإنسان لا معنى له من دون منهج يسير عليه، وللتوضيح:
الآن يوجد حواسيب صناعية غالية جداً بمئات الملايين، لو إنسان استورد حاسب لمعمله، وفي خطأ بالتصدير، الشركة نسيت أن ترسل تعليمات التشغيل والصيانة التعليمات كتاب، هذا الكتاب لم يرسل مع الآلة، والآلة غالية الثمن، معقدة التركيب عظيمة النفع، فإن خفنا على الآلة من العطب، ولم نستخدمها جمدنا ثمنها، وإن استخدمنها من دون هذه التعليمات أتلفناها، أليست في هذه الحالة التعليمات أهم من الآلة ؟ من دون تعليمات تعطبها، خوفاً عليها لا تستخدمها، فهذه التعليمات أخطر من الآلة نفسها، وهذا الكلام ينسحب على الإنسان. وجود الإنسان من دون منهج يسير عليه لا معنى له إطلاقاً:
وجودك أيها الإنسان من دون منهج تسير عليه لا معنى له، الإنسان من دون منهج سوف يقع في إثم كبير، بسبب وجود الشهوات، هناك حب المرأة، وحب المال، وحب العلو في الأرض، هذه الشهوات تدفعه بعنف إلى حتفه أحياناً، الإنسان أحياناً يهلك بحبه للمال يُقتل في النهاية، يهلك بحبه للشهوة، يغرق في شهوات ثم ينتهي مصيره إلى الهلاك.
فالإنسان لا بد من منهج يسير عليه، هذا معنى قول الله عز وجل:
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
المعنى الأول: "الأول" له معنى سببي زمني، والأصح معنى سببي، هو مسبب الأسباب، المعنى الثاني: "الأول" له معنى رتبي، "الأول" الأول في كل شيء، "الأول" في علمه، "الأول" في حلمه، "الأول" في رحمته، "الأول" في عدله، "الأول" في قوته ، "الأول" في غناه، وفي كل مجتمع هناك جامعة، يقول لك هذا الأستاذ الأول، بمؤسسة هذا العقل الأول في هذه المؤسسة، هو الذي يديرها، بأي مكان، بأي مجال، بأي زمن، بأي عصر في إنسان ضمن مجتمع معين، هو الأول، أحياناً يقول لك: هذا الرجل القوي، قد يكون معاون المدير العام، لكنه أقوى منه، هو الأول.
معنى الأول، "الأول" معنى سببي، المعنى الآخر: "الأول" معنى رتبي. 3 ـ الله عز وجل الأول رتبة و زماناً ليس قبله شيء:
المعنى الثالث: "الأول"، "الأول" المتقدم زماناً، ربيع الأول، ربيع الثاني، هذا تقدم زمني شعبان أولاً، رمضان بعده.
وهناك المتقدم مكاناً، أنت في الطريق إلى حلب، حمص أولاً، ثم حماة، ثم حلب.
الآن الصناعة: الأول الذي تبدأ به، إنشاء بناء، أول شيء فيه حفر الأرض، في صناعة سيارة أول شيء الهيكل، وهكذا، هناك معنى ترتيبي، ومعنى مكاني، ومعنى زماني، ومعنى رتبي، ومعنى سببي، هذا معنى "الأول".
الله عز وجل ، جلّ جلاله واحد أحد، فرد صمد:
﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾
( سورة الإخلاص )
"الأول" سبباً، و "الأول" رتبة، و "الأول" رتبة و زماناً ليس قبله شيء، بل الزمان من خلفه، الزمان لا يحيط به، هو يحيط بالزمان، هو "الأول" مكاناً، الكون كله من خلقه، "الأول" في الترتيب، كان الله ولم يكن معه شيء، هو "الأول"، هنيئاً لمن كان مع "الأول"، هنيئاً لمن كان ولياً للأول. من كان مع الله كان الله معه:
إخوانا الكرام، يوجد بالحياة أقوياء، و أغنياء، و أناس لامعون جداً، لكن الإنسان إذا ربط مصيره مع هؤلاء، ولسبب أو لآخر انتهى هؤلاء ينتهي معهم، المؤمن مع الله، لا يحسب على غير الله، ولا يجير إلى غير الله، مع الله.
كن مع الله ترَ الله معك واترك الكل وحاذر طمعك
وإذا أعطاك من يمنـعه ثم من يعطي إذا ما منعك
* * *
الآن في مصائب كثيرة في الأرض، في مصائب صحية، في مصائب مالية ، في مصائب إدارية، كان بمنصب رفيع أزيح عنه، في مصائب أسرية زوجة خائنة، في مصائب لا تعد ولا تحصى، ولكن البطولة أن تكون موحداً في هذه المصائب.
(( لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ))
[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ]
التوحيد بالمصائب تصل من خلالها إلى الله، يعني هل يعقل أن إنساناً ضرب إنسان بعصا، أن يحقد هذا المضروب على العصا ؟ مستحيل ! يكون أحمقاً، الحقد على الضارب، فإذا كان كل الطغاة والأقوياء عصي بيد الله، حينما تعلم علم اليقين أن الله سمح لهم، في مشكلة مع نفسك، التوحيد في المصيبة يلغي الحق، الأول، من سمح لهذا الإنسان أن يصل إليك ؟ هذا الكلام لا يعني أن تستسلم، معاذ الله أن يُفهم هذا المعنى، لكن هذا المعنى ينبغي ألا تشرك، ألا تحقد، هذا الإنسان سمح الله له أن ينال منك، لحكمة بالغة وهناك مشكلة، طبعاً ردّ عليه، وأزل هذا الظلم عنك، وراجع نفسك لماذا سلطه الله عليّ ؟ ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً ﴾
( سورة الأنعام الآية: 129 )
على كل إنسان أن يراجع نفسه إذا أصابته مصيبة ما لا أن يحقد لأن الحقد دليل الشرك:
سألوا مرة تيمور لنك من أنت ؟ أجاب إجابة رائعة، قال: أنا غضب الرب، أنت حينما توحد في فهم المصيبة لا تحقد، لكن تقاوم، أنت حينما توحد في فهم المصيبة لا تجبن بل تكن شجاعاً في ردك.
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾
( سورة الشورى )
ينبغي ألا تحقد، لأن الحقد قاتل، الحقد دليل الشرك، أما التوحيد، هذا القوي وصل إليّ، ونال مني، وسمح الله له بذلك، لحكمة بالغةٍ بالغة، قد أعلمها، وقد لا أعلمها لكنني واثق أن الله حكيم.
لذلك أرد عليها، آخذ بحقي، والدليل الآية واضحة، ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾
والله معك، لكن لا تحقد، لا تحقد لأنك موحد، ما كان لهذا القوي أن ينال منك، لولا أن الله سمح له.
﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ ﴾
( سورة النساء الآية: 90 )
المسلمون ينقصهم التوحيد لأنهم بالتوحيد تحل مشكلاتهم و يزول إحباطهم:
إخوانا الكرام، المسلمون ينقصهم التوحيد، بالتوحيد تحل مشكلاتهم، بالتوحيد يزول هذا الحقد من نفوسهم، بالتوحيد يزول هذا الإحباط، هذا الشعور أنهم دون بقية الشعوب، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، دقق:
﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
( سورة لقمان الآية: 17 )
اصبر، هذا القضاء الذي يأتي الإنسان من الله مباشرة، يعني للتقريب:
شخص له ابن يحبه حباً جماً، وقف على الشرفة، تطاول عليها فسقط فنزل ميتاً هل هناك جهة يصب عليها جام غضبه ؟ هذا قضاء وقدر من الله له، أما حينما يدهس سائق هذا الابن، في شخص أمامك، يمكن أن تحقد عليه، يمكن أن تتمنى أن تمزقه. كل إنسان بحاجة إلى التوحيد لو جاء القضاء والقدر على يد إنسان:
هناك آية ثانية قال تعالى:
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ ﴾
( سورة الشورى الآية: 43 )
﴿ صَبَرَ ﴾
على قضاء الله وقدره ﴿ وَغَفَرَ ﴾
لمن كان هذا القضاء على يده. ﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
( سورة الشورى )
في لام المزحلقة، لام التوكيد، يعني أنت بحاجة إلى التوحيد ألف مرة زيادة فيما لو جاء القضاء والقدر على يد إنسان، دققوا في هذه الآية: ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ ﴾
( سورة الأنعام الآية: 65 )
هذه الصواعق والصواريخ الآن. ﴿ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾
( سورة الأنعام الآية: 65 )
هذه الزلازل، أو الألغام. ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾
( سورة الأنعام الآية: 65 )
براوندا أحدث رقم خلال أيام تمّ إبادة ثمانمئة ألف، والعالم يتفرج، يبدو أنه ليس هناك في بترول، ثمانمئة ألف أبيدوا في أيام. التوحيد في فهم المصيبة يُخفف وقعها:
أيها الأخوة، التوحيد نحن في أمس الحاجة إليه، لفهم ما يجري حولنا، لا نحقد لكن نكون شجعاناً،
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾
فالتوحيد في فهم المصيبة يخفف وقعها، بل يجعلك شجاعاً في ردها، إذا شخص دخل إلى بيته سارق، يقول سبحان الله ! أمر الله عز وجل، هذه مشيئة الله، يكون أحمقاً يجب أن يقاومه، أن يأخذه ويسلمه إلى المسؤولين عن الأمن.
فإنسان مستسلم هذا إنسان غير مؤمن، المؤمن لا يستسلم، بل يقاوم، يأخذ بحقه والآية واضحة جداً: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾
إلا أن المؤمن لا يحقد لأنه موحد.
(( ولكل شيء حقيقة، وما بلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ))
[ أخرجه أحمد، والطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه ]
من كان مع الأول كان الأول دائماً:
هو "الأول"، هذا الذي نال منك مَنْ خَلَقه ؟ الله عز وجل، من أعطاه القوة ؟ الله عز وجل، من سمح أن يصل إليك ؟ الله عز وجل، الله عزّ وجل رحيم، وعليم، وقدير، وحكيم، وعدل، إذاً الكرة في ملعبي.
(( ما من عثرة، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم، وما يغفر الله أكثر ))
[ أخرجه ابن عساكر عن البراء ]
(( ولو أن أولكم وآخر، وإنسَكم وجِنَّكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيتُ كُلَّ إنسان مسألتَهُ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يَنْقُص المِخْيَطُ إذا أُدِخلَ البحرَ ـ ذلك أن عطائي كلام وأخذي كلام ـ الآن دققوا: فمن وَجَدَ خيراً فليَحْمَدِ الله، ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ ))
[ أخرجه مسلم والترمذي عن أبي ذر الغفاري ]
أيها الأخوة الكرام، اسم "الأول" اسم دقيق جداً، كن مع "الأول" تكن أولاً ولا تكن مع الآخر تكن آخراً.والحمد لله رب العالمين