بسم الله الرحمن الرحيم
أخلاق وآداب ينبغي أن يتحلى بها كل مسلم

يُشرع لكلِّ مُسلم أخلاق و آداب وصِفات ينبغي لهُ أنْ يتحلَّى بها، منها الصِّدق، الصِّدْق كما جاء في الحديث ((يهدي إلى البر، والبرُّ يهدي إلى الجنَّة، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُور، والفُجُور يهدِي إلى النَّار)) فالصِّدْق خصْلَةٌ حميدة على الإنسان أنْ يلتزم بها ولا يقُول: إنَّ الظُّرُوف اقْتَضَتْ عليّ أوْ ألزَمَتْنِي أنْ أُجانِب الصِّدْق؛ لأنَّ الصِّدْق مَنْجاة، منْ صَدَق ولو في أَحْلَك الظُّرُوف نجا، وهذا شيءٌ مُجرَّب قصة كعب بن مالك، الثَّلاثة الذِّين خُلِّفُوا صريحة في هذا، فالكذب حرام اتِّفَاقاً، يُباح منهُ بعضُ الصُّور من إصلاحٍ بين النَّاس والكذب على الزَّوجة في حدُود ما يُؤلِّف القُلُوب، وما أشبه ذلك، وأما ما عدا ذلك فالكذب حرام، والكذب درجات، الكذب على النَّاس مُحرَّم بلا شك، وأعظمُ منهُ الكذب على الله وعلى رسُولِهِ، ومن الكذب على الله الفُتْيَا بغير علم -نسأل الله العافِية- {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ}[(60) سورة الزمر] كذبُوا على الله من أولى من يدخل في هذا الباب من يُفتي ويقول على الله بغير علم، الأمانة خُلُقٌ واجِب والخِيَانة حرام، والخديعة مُخادعة المُسلمين وغِشُّهُم وجَحْد الأمانات والعَواري كُلُّ هذا مُحرَّمٌ بالكتاب والسُّنَّة وإجماع أهل العلم {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[(58) سورة النساء] {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ}[(72) سورة الأحزاب] لابُدَّ من أداءِ هذهِ الأمانة، ومن الأمانات ما كُلِّفَ بِهِ المُسْلِم من الشَّرائِع الصَّلاة أمانة، الصِّيام أمانة، الغُسل من الجنابة أمانة، فلا يجُوزُ لهُ أنْ يخُون هذه الأمانة بِحال، العفاف لابُدَّ أنْ يكُون الإنسانْ عَفِيفاً بِجميعِ ما تحتمِلُهُ هذهِ الكلمة من صُور ومعانٍ، يكُون عَفِيف القلب فلا يحقد ولا يحسد، عفيف اللِّسان لا يتكلَّم في أحدٍ إلاَّ بِحَق، ولا يستطيل في أعراض المُسلمين، ولا يكُونُ صخَّاباً في الأسواق، ولا غضُوباً لجلاجاً، و يكُونُ عفيفاً عن المحارِمِ كُلِّها، ومنْ أظهر صُور العِفَّة عِفَّةُ الإزار بأنْ لا يُحلَّ إزارهُ إلاّ على ما أحلَّهُ الله لهُ وأباحهُ لهُ، والحياءُ لا يأتي إلاَّ بِخير، وجاء في الحديث الصَّحيح ((إذا لمْ تَسْتَحِ فاصْنَع ما شئت)) ((إنَّ مما أدرك النَّاس من كلام النُّبُوَّة الأولى إذا لم تَسْتَحِ فاصْنَع ما شئت)) فالحياء لا يأتي إلا بخير، وهُو خلقٌ ينبغي أنْ يتجمَّلَ بِهِ المُسلم ويُكمِّل بِهِ نفسهُ، والمُرادُ بالحياء الحياء الذِّي يمنع من ارتكاب ما مُنِع منهُ شرعاً أو عُرفاً؛ لكنْ الحياء الذِّي يمنع من إقامة الواجِبات أو يمنع من ترك المحظُورات، يمنع من الأمر بالمعرُوف والنَّهي عن المُنكر، يمنع من إرشاد الجاهل هذا يُسمّى حياء؟ هذا خجل مذمُوم هذا -نسأل الله العافية- الشَّجاعة، الجبُن خُلقٌ ذميم تعوَّذ منهُ النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى كُلّ مُسلم أنْ يتعوَّذ منهُ، فالشَّجاعة خلقٌ ينبغي أنْ يَتَحَلَّى بِهِ المُسلم، فيُشرع لكلِّ مُسلم أنْ يكُون شُجاعاً، قَوَّالاً للحق، عامِلاً بِهِ، شُجاعاً في مواطِن الشَّجاعة في الحُرُوب، في الكلمة، الصَّدْع بالحق عند الحاجةِ إليهِ وهكذا، الكرم، البُخل أيضاً خُلُقٌ ذميم فعلى المُسلم أنْ يكون كريماً باذِلاً لما يُطْلَبُ منهُ فيما لا يَضُرُّ بِهِ ويَشُقُّ عليهِ، الوفاء بالعُهُود {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}[(1) سورة المائدة] فلا بُدَّ منْ أنْ يكُونَ المُسْلِمُ وفِيًّا لمنْ لهُ عليهِ حق، ولِمَنْ عَاهَدَهُ وعَاقَدَهُ على شيءٍ لابُدَّ أنْ يَفِيَ لهُ بِما التزم، النَّزاهةُ عنْ كُلِّ ما حرَّم الله، فَكُل ما حُرِّم عليهِ ينبغي أنْ يبتعِدَ عنهُ ويتَنَزَّهَ منهُ، ولا يُزَاوِلُ شيئاً مِمَّا حَرَّمهُ اللهُ عليهِ سواءً كان خالِياً بمُفردِهِ، أو كان بِمَجْمَعٍ من النَّاس، ولاشكَّ أنَّ العلانِيَة أشد ((كُلُّ أُمَّتِي مُعافى إلا المُجاهِرين)) لكنْ أيضاً ارتكاب المُحرَّمات ولو كان الإنسانُ خالِياً هذا أمرٌ رُتِّب عليهِ عِقاب وهو تحت المَشِيئة؛ لكنْ أشدُّ من ذلك المُجاهرة، حُسن الجِوار، فالجار لهُ حُقُوق، لهُ حق الأُخُوَّة في الدِّين، لهُ حقُّ الجِوار، وإذا كان قريب زاد حقٌّ ثالث وهو حقُّ القرابة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ما زال جبريل يُوصِيني بالجار حتَّى ظننتُ أنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ))((وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ)) قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ)) فلا بُدَّ من حُسْنِ الجِوار، وعدم التَّعرِّض للجار بأيِّ أذى، مُساعدة ذوي الحاجات حسب الطَّاقة، تُعين صانع، أو تصْنَع لآخر هذا من أفْضَل الأعمال، ذوي الحاجات، الأعمى الذِّي يحتاج إلى من يقُودُهُ هو بحاجة إلى من يقُودُهُ، تُمْسِك بيدِهِ فتقُودُهُ، وتُوصِلُهُ إلى المسجد، إلى بِقالة، إلى عمل إلى ما يُريد؛ لكنْ بما لا يشُقُّ عليك ولا يُعَطِّل مصالِحك، أنت عندك دوام ووجدتْ أعمى، دوامُهُ في جِهةٍ غير جِهَتِك تترِك دوامك وترُوح تودِّيه؟ لا، بما لا يَشُقُّ عليك، ولا يُعطِّلُ مصالِحك، مُساعدة ذوي الحاجة حسْب الطَّاقة، حسْب الجُهد، حسْب المُسْتَطَاع، وغير ذلك من الأخلاق التِّي دلَّ الكِتاب والسُّنَّة على مَشْرُوعِيَّتِها.
والله أعلم، وصلى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا مُحمد وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
الشيخ العلامة/ عبد الكريم الخضير