السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


نحن المسلمون

سلوا عنا ديار الشام ورياضها , والعراق وسوادها , والاندلس وأرباضها ,
سلوا مصر وواديها , سلوا الجزيرة وفيافيها , سلوا الدنيا ومن فيها ,
سلوا بطاح أفريقية , وربوع العجم , وسفوح القفقاس ,
سلوا حفافي الكنج , وضفاف اللوار , ووادي الدانوب ,
سلوا عنا كل أرض في الارض , وكل حي تحت السماء .
إن عندهم جميعاً خبراً من بطولاتنا وتضحياتنا وماثرنا ومفاخرنا وعلومنا وفنوننا .

* * *
نحن المسلمون!

هل روى رياض المجد إلا دماؤنا؟
هل زانت جنات البطولة إلا أجساد شهدائنا؟
هل عرفت الدنيا أنبل منا أو أكرم , أو أرأف , أو أرحم , أو أرجل , أو أعظم , أو أرقى أو أعلم؟

نحن حملنا المنار الهادي والأرضُ تتيه في ليل الجهل وقلنا لأهلها : هذا الطريق!
نحن نصبنا موازين العدل يوم رفعت كل أمة عصا الطغيان .
نحن بنينا للعلم داراً يأوي إليها حين شرده الناس عن داره .

نحن أعلنا المساواة يوم كان البشر يعبدون ملوكهم ويؤلهون ساداتهم .
نحن أحيينا القلوب بالإيمان , والعقول بالعلم , والناس كلهم بالحرية والحضارة .


نحن المسلمون!
* * *

نحن بنينا الكوفة والبصرة والقاهرة وبغداد .

نحن أنشأنا حضارة الشام والعراق ومصر والاندلس .

نحن شِدنا بيت الحكمة والمدرسة النظامية وجامعة قرطبة والجامع الازهر .

نحن عمرنا الاموي وقبة الصخرة و"سُر من رأى" والزهراء والحمراء ومسجد السلطان أحمد وتاج محل .

نحن علمنا أهل الارض وكنا الأساتذة وكانوا التلاميذ .

نحن المسلمون!
* * *

منا أبو بكر وعمر ونور الدين وصلاح الدين وأورنك زيب .

منا خالد وطارق وقتيبة وابن القاسم والملك الظاهر .

منا البخاري والطبري وابن تيمية وابن القيم وابن حزم وابن خلدون .

منا الغزالي وابن رشد وابن سينا والرازي .

منا الخليل والجاحظ وأبو حيان .

منا أبو تمام والمتنبي والمعري .

منا معبد وإسحاق وزرياب .

منا كل خليفة كان الصورة الحية للمثل البشرية العليا .

وكل قائد كان سيفاً من سيوف الله مسلولاً .

وكل عالم كان من البشر كالعقل من الجسد .

منا مئة ألف عظيم وعظيم .


نحن المسلمون!

* * *

قوتنا بإيماننا , وعزنا بديننا , وثقتنا بربنا .

قانوننا قرأننا , وإمامنا نبينا , وأميرنا خادمنا .

وضعيفنا المحق قوي فينا , وقوينا عون لضعيفنا .

وكلنا إخوان في الله , سواء أمام الدين .


نحن المسلمون!

* * *

ملكنا فعدلنا , وبنينا فأعلينا , وفتحنا فأوغلنا , وكنا الاقوياء المنصفين ,
سننا في الحرب شرائع الرأفة , وشرعنا في السلم سنن العدل ,
فكنا خير الحاكمين , وسادة الفاتحين .

أقمنا حضارة كانت خيراً كلها وبركات ,
حضارة روح وجسد , وفضيلة وسعادة , فعم نفعها الناس ,
وتفيأ ظلالها أهل الارض جميعاً ,
وسقيناها نحن من دمائنا ,
وشدناها على جماجم شهدائنا .

وهل خلت أرض من شهيد لنا قضى في سبيل الاسلام , والايمان والامان ؟ .


* * *

نحن المسلمون!

هل تحققت المثل البشرية العليا إلا فينا ؟

هل عرف الكون مجتمعاً بشرياً (إلا مجتمعنا) قام على الاخلاق والصدق والإيثار ؟

هل اتفق واقع الحياة وأحلام الفلاسفة وامال المصلحين الا في صدر الاسلام ؟
يوم كان الجريح المسلم يجود بروحه في المعركة يشتهي شربة ماء
فإذا أخذ الكأس رأى جريحاً أخر فاثره على نفسه ومات عطشان .

يوم كانت المرأة المسلمة يموت زوجها وأخوها وأبوها فإذا أخبرت بهم سألت : مافعل رسول الله ؟
فإذا قيل لها هو حي , قالت كل مصيبة بعده هينة .

يوم كانت العجوز ترد على عمر وهو على المنبر في الموقف الرسمي وعمر يحكم إحدى عشر حكومة من حكومات اليوم .

يوم كان الواحد منا يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويؤثره عليها ولو كان به خصاصة .

وكنا أطهاراً في أجسادنا وأرواحنا ومادتنا والمعنى .

وكنا لا نأتي أمراً ولا ندعه ولا نقوم ولا نقعد ولا نذهب ولا نجيء إلا لله ؛

قد أمتنا الشهوات من نفوسنا فكان هوانا تبعاً لما جاء به القرأن .

لقد كنا خلاصة البشر وصفوة الانسانية .

وجعلنا حقاً واقعاً ما كان يراه الفلاسفة والمصلحون أملاً بعيداً .



نحن المسلمون!

* * *


تُنظَم في مفاخرنا مئة إلياذة وألف شاهنامه . ثم لا تنقضي أمجادنا ولا تفنى لأنها لا تعد ولا تحصى .

من يعد معاركنا المظفرة التي خضناها ؟

من يحصي مأثرنا في العلم والفن ؟

من يستقري نابغينا وأبطالنا ؟

إلا كالذي يعد نجوم السماء ,
ويحصي حصى البطحاء.

اكتبوا (على هامش السيرة) ألف كتاب .

و(على هامش التاريخ) مثلها ,

وأنشئوا مئة في سيرة كل عظيم .

ثم تبقى السيرة ويبقى التاريخ كالأرض العذراء والمنجم المبكر .



* * *

نحن المسلمون!

لسنا أمة كالأمم تربط بينها اللغة , ففي كل أمة خير وشرير .

ولسنا شعباً كالشعوب يؤلف بينها الدم , ففي كل شعب صالح وطالح .

ولكننا جمعية خيرية كبرى .

أعضاؤها كل فاضل من كل أمة , تقي نقي .

تجمع بيننا التقوى إن فصل الدم ,

وتوجد بيننا العقيدة إن اختلفت اللغات .

وتدنينا الكعبة إن تناءت بنا الديار .

أليس في توجهنا كل يوم خمس مرات إلى هذه الكعبة ,

واجتماعنا كل عام مرة في عرفات , رمزاً إلى أن الاسلام قومية جامعة ,
مركزها الحجاز العربية وإمامها النبي العربي وكتابها القرأن العربي ؟


* * *

نحن المسلمون!

ديننا الفضيلة الظاهرة , والحق الأبلج .

لا حجب ولا أستار ولا خفايا ولا أسرار .

هو واضح وضوح المئذنة . أفليس فيها ذلك المعنى ؟

هل في الدنيا جماعة أو نِحلة تكرَر مبادئها وتُذاع عشر مرات كل يوم كما تذاع مبادىء ديننا ,

نحن المسلمين على ألسنة المؤذنين :

(( أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أن محمداً رسول الله )) .


* * *

نحن المسلمون!

لا نَهِنُ ولانحزن ومعنا الله .

ونحن نسمع كل يوم ثلاثين مرة هذا النداء العلوي المقدس ,
هذا النشيد القوي : الله أكبر .

البطولة سجية فينا , وحب التضحية يجري في عروقنا .

لا تنال من ذلك صروف الدهر , ولا تمحوه من نفوسنا أحداث الزمان .

لنا الجزيرة التي يُشوى على رمالها كل طاغٍ يطأ ثراها ,
ويعيش أهلها من جحيمها في جنات .

لنا الشام وغوطتها التي سقيت بالدم , لنا فيها الجبل الأشم .

لنا العراق , لنا الرميثة وسهول الفرات .

لنا فلسطين التي فيها جبل النار .

لنا مصر دار العلم والفن ومثابة الاسلام .

لنا المغرب كله , لنا "الريف" دار البطولات والتضحيات .

لنا القسطنطينية ذات المأذن والقباب ,

لنا فارس والافغان والهند وجاوة .


لنا كل أرض يتلى فيها القرأن وتصدح مناراتها بالأذان .


لنا المستقبل ... المستقبل لنا إن عدنا الى ديننا .



(( سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا أنت نستغفرك ونتوب اليك )) .

منقووول