شرح الحديث الشريف - إتحاف المسلم - الدرس (26-45) : الرحمة العامةلفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. الفرق بين الرحمة الكسبية وبين الرحمة الفطرية :
أيها الأخوة, من المعروف عند معظم الناس: أن الأم ترحم أولادها, لكن زوجة الرجل قد لا ترحم أولاده, يقسو قلبها عليهم كثيراً, قد لا تطعمهم, قد تحملهم ما لا يطيقون, هذا في الأعم الأغلب في المرأة التي لا تعرف الله, المرأة التي لا تعرف الله, ترحم أولادها.
إذاً: هذه الرحمة التي في قلب امرأة التي لا تعرف الله ليست منها, وليست من كسبها, إنما أودعت في قلبها, من أجل أن تستمر الحياة, ولولا هذا لما استمرت الحياة, أودع الله في قلب كل أم رحمة بأولادها, أما أنها مأجورة, أو غير مأجورة, هذا موضوع آخر, وفي الأعم الأغلب أجرها قليل جداً, لأن هذه الرحمة ليست من كسبها, ليست من خلال اتصالها بالله عز وجل, وإنما فطرة أودعت فيها.
والشيء الواضح تماماً: أن المرأة ترحم أولادها رحمة بالغة, بينما تقسو على أولاد زوجها قسوة بالغة, وكأن قلبها قُدَّ من صخر, قد لا تطعمهم, قد تحملهم ما لا يطيقون.
إذاً: الرحمة شيء ثمين جداً؛ في رحمة كسبية, ورحمة فطرية, الرحمة التي تأتيك من اتصالك بالله عز وجل, هذه رحمة كسبية لا تتجزأ, يعني ترحم ابنك, وترحم الغريب, وترحم ابن عدوك, وترحم دابة, وترحم حيواناً, الرحمة لا تتجزأ, الذي يرحم ابنه فقط, ولا يرحم غير ابنه, رحمته هذه لا قيمة لها إطلاقاً, لأنها رحمة فطرية أودعت فيه ليست من كسبه.
من أقوال النبي بشأن بحثنا :
أيها الأخوة, ورد في كتاب (الترغيب والترهيب) عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أنه مرَّ بفتيان من قريش, قد نصبُوا طيراً أو دَجاجة يترَامونَها، وقد جعلوا لصاحبها كلَّ خاطئة من نبّلهم -جعلوها هدفاً لسهامهم, ليتدربوا على الرمي-، فلما رأوا ابنَ عمر تفرَّقوا، فقال ابن عمر: مَنْ فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَعَنَ من اتخذ الروح غرضاً))
[أخرجه البخاري ومسلم عن سعيد بن جبير]
يعني هدفاً, يعني قريب من هذا: في أسواق بيع الدجاج: تذبح الدجاجة فوراً, وتغمس في ماء يغلي, ليس هناك ثانية, ولا ثوان, تذبح فوراً, وتغمس في ماء يغلي, كي يسهل نتف ريشها, فهذا الذي يفعل هذا: لا رحمة في قلبه, هذا حيوان تميته مرتين .
رأى النبي عليه الصلاة والسلام رجلاً, يذبح شاة أمام أختها, قال له: ((هلا حجبتها عن أختها, أتريد أن تميتها مرتين؟))
لذلك: لا يجوز أن تذبح غنمة أمام أختها تدرك, يجب أن تذبحها في غرفة, وأن تحجبها عن أختها.
أيها الأخوة, يقول عليه الصلاة والسلام: ((مَن لا يَرْحَمْ, لا يُرْحَمْ))
[ورد في الأثر]
((مَن لا يَرحمِ الناسَ, لا يَرحمْهُ اللهُ))
[أخرجه البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله]
اعلم علم اليقين أن...... :
أيها الأخ الكريم, يجب أن تعلم علم اليقين: أن الرحمة تقابل الاتصال بالله تماماً, فأنت بقدر اتصالك بالله, ترحم الخلق, والمؤمن قلبه رحيم, والكافر قلبه قُدَّ من صخر, والقلب القاسي بعيد عن الله عز وجل.
((وإذا أردت أن تعرف مقامك: فانظر فيما استعملك))
هذا الذي يعمل عملاً أساسه: إيذاء الناس, أساسه: ترويع الناس, أساسه: إلقاء الرعب في قلوب الناس, هذا أشقى إنساناً على الإطلاق؛ لأن الله استخدمه في تأديب خلقه, ولولا أن قلبه قد من صخر, لما استخدمه الله هذا الاستخدام, بينما المؤمن يستخدمه الله لبث الخير في الناس, لبث الطمأنينة, والأمن في الناس.
وكل إنسان يراقب عمله, إذا كان عملك مبنياً على إيذاء الناس, أو ترويعهم, أو تخويفهم, فأن تبيت جائعاً خير لك ألف مرة من أن تتقلب في نعم, تأتيك من خلال قسوتك على الناس.
((مَن لا يَرْحَمْ, لا يُرْحَمْ))
[ورد في الأثر]
إليكم هذا الحديث وجزء من الآيات التي وردت بشأن القلب القاسي البعيد عن رحمة الله :
أيها الأخوة, هذا حديث: ((دَخَلت امْرَأةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ ربطتها، فلم تُطْعِمها، ولم تَدَعْها تأْكُل مِن خَشاشِ الأرض))
[أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر]
الحقيقة: الأحاديث خطيرة: أن الإنسان يستحق النار إلى الأبد, لأنه عذب هرة.
((دَخَلت امْرَأةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ ربطتها، فلم تُطْعِمها، ولم تَدَعْها تأْكُل مِن خَشاشِ الأرض, وفي رواية: عُذِّبت امرأةٌ في هرَّةٍ سجنتْها حتى ماتت، فدخَلتْ النَّار، لا هيَ أَطْعَمتها وسقتها، إِذ هي حَبسَتها، ولا هي تَرَكَتها, تَأكُل مِن خَشاشِ الأرض))
[أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر]
يعني في قوله تعالى:
﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾
[سورة التكوير الآية:8]
﴿بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾
[سورة التكوير الآية:9]
تصور فتاة كالوردة, يأخذها أبوها إلى مكان بعيد في الصحراء, يحفر لها حفرة, يضعها في الحفرة, ويهيل عليها الرمل حتى تموت, ما هذا الإنسان؟ وحش.
فأنت أحياناً: قس إيمانك برحمتك, في شخص لا يحتمل أن يؤذي نملة, هذا رحيم, هذا مؤمن, ليست العبرة بكثرة العبادات التي تؤديها, العبرة بالرحمة التي استقرت في قلبك, فإن لم تكن رحيماً, فأنت بعيد عن الله قطعاً, وهذه الصلوات التي تؤديها, لا قيمة لها عند الله أبداً, إنها حركات وسكنات, وليست اتصالاً, ولو كانت اتصالاً, لرحمت الخلق.
ومرة ثانية: الرحمة لا تتجزأ, الرحمة التي تأتيك من الصلاة, والتي ترقى بك, والتي تنقلك إلى دار النعيم, هذه رحمة لا تتجزأ.
إليكم هذه الأمثلة من الواقع التي مثلت دور تلك المرأة التي تحدث عنها النبي أنها في النار :
أيها الأخوة, في قصص أنا مرة وجدتها, أنا رأيت بعيني رجلاً, يحمل صانعاً عنده من الأثواب ما لا يطيق؛ أول ثوب, ثاني ثوب, ثالث ثوب, رابع ثوب, إلى أن صرخ هذا الطفل, لم أعد قادراً على الحمل, قال له: أنت شاب, ابنه من سن الصانع, حمل ثوباً واحداً, قال له: انتبه على ظهرك يا بني, ثقيل عليك, هذه الرحمة بالابن, لا قيمة لها إطلاقاً؛ لأنها رحمة أودعت في قلبه, من دون اختيار منه, كي تستمر الحياة.
لذلك: لن تجد في القرآن آية واحدة, توصي الآباء بأبنائهم, إلا في آية المواريث, بمعنى قسموا الإرث هكذا, أما شيء فطري....., كما إنه من المضحك, أن تصدر قانوناً, تلزم المواطنين بتناول طعام الفطور؛ الجوع وحده يكفي لمتابعة هذا الأمر, شيء فطري, لكن الله عز وجل أمر الأبناء ببر آبائهم, لأنه ليس تكليف.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: ((ودنت مِنِّي النارُ، حتى قلتُ: أيْ ربِّ، وأنا معهم؟ وإِذا امرأة حسبتُ أنه قال: تَخْدِشُها هِرَّة -هذه في الإسراء والمعراج- قلتُ: ما شأْن هذه؟ قالوا: حبسَتْها حتى ماتت جُوعاً))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر]
حدثني مرة أخ, يعرف أقرباء, أمهم قاسية جداً, عندها صانعة صغيرة, يكون في البيت وليمة, في هذه الوليمة من الطعام ما لذ وطاب, تلزم هذه الفتاة الفقيرة, البائسة, اليتيمة, أن تأكل الطعام القديم جداً, ولا تطعمها لقمة واحدة من هذا الطعام النفيس, هذه امرأة مثل الهرة تماماً إلى النار.
قضية الاستقامة, قضية كبيرة جداً, امرأة تقسو....., في أطفال يعذبون, في أطفال يحملون فوق طاقاتهم, يعني من قسوة البشر: صار في يوم الطفل العالمي, من قسوة البشر: في أطفال في آسيا يباعون في سوق النخاسة, يقول لك: انتهت العبودية.
في سوق الرقيق الأبيض في العالم, أنا أعده وصمة عار في جبين الإنسانية, وصمة عار في أطفال يباعون, ويقتلون, وتؤخذ أعضاؤهم إلى بنك, لبيعها قطع غيار, في أطفال تؤخذ دماؤهم, لتستخدم في حالات الإسعاف.
فإذا الإنسان ابتعد عن الله عز وجل, أصبح وحشاً, بالمقابل: دنا رجل إلى بئر, فنزل فشرب منها, وعلى البئر كلب يلهث, فرحمه, فنزع أحد خفيه, فسقاه, فشكر الله له, فأدخله الجنة, كما أن امرأة عذبت في النار, لهرة حبستها, نعم.
عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه, قال: ((كنتُ أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعتُ صوتاً من خلفي: اعْلَم أبا مسعود, فلم أفهم الصوتَ من الغضب، قال: فلما دنا مني، إِذا هو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود, اعلم أبا مسعود, قال: فألقيت السوط من يدي، فقال: اعلم أبا مسعود, أن الله أَقْدَرُ عليك منك على هذا الغلام، قال: فقلت: لا أَضرب مملوكاً بعده أبداً, وفي رواية: فقلتُ: يا رسول الله! هو حُرّ لوجه الله تعالى، فقال: أَمَا لو لم تفعل لَلَفَحَتْكَ النار, أو لَمَسَّتْكَ النارُ))
[أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي مسعود البدري]
نتائج التربية الصالحة في تنشئة الإنسان :
تجد أحياناً: ابن يعيش في أسرة متوازنة, أسرة مسلمة, مؤمنة, في رحمة بقلب الأب والأم, هذا الابن في الأعم الأغلب, لو لم يكن ملتزماً بالدين, لا يؤذي أحداً .
ترى أشخاصاً في مناصب حساسة, يوجد في قلبهم رحمة, هذه الرحمة أخذوها من أمهاتهم وآبائهم, تجده لا يظلم, لا يقسو, عنده روادع, وإذا كان في البيت قسوة بالغة, في شقاق بين الزوجين, في ضرب مبرح, فإذا الإنسان تلقى قسوة, ولم يعرف الله عز وجل, ولم يتصل به, يقسو بدوره على الناس.
أحياناً: التربية الصالحة ضمانة للإنسان من أن يذل في إيذاء الناس.
من رحمة الإسلام وعدالته :
أيها الأخوة, يقول عليه الصلاة والسلام: ((من ضرب غُلاماً, له حَدّا لم يأْتِهِ، أو لَطَمَهُ، فإن كفَارَتَهُ أن يُعتِقَهُ))
[أخرجه مسلم وأبو داود عن زاذان]
يعني بمفهوم ذلك العصر: الغلام له ثمن باهظ, تخسر هذا الغلام إذا لطمته أو ظلمته.
((مَن قذف مملوكه, وهو بريء مما قال, يقام عليه الحدُّ يوم القيامة))
[أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة]
شخص يقول له: أنت حرامٍ, رأساً من دون تحقق, يكون شخصاً بريئاً, صار في سوء تفاهم, فقبل أن تقول لشخص: أنت حرامٍ, وقبل أن تتهمه بالزنا, عد للمليون, إذا كنت قد اتهمته بشيء, هو بريء منه, أقيم على سيده الحد يوم القيامة.
تجد المؤمن وقافاً عند كتاب الله, المؤمن مقيد, الحق قيده, هو طليق, لكن الحق قيده ذاتياً, يعني لا يتسرع .
اسمع هذا الحديث :
آخر حديث: ((للمملوك: طعامه, وكسوته, ولا يكلف إلا ما يطيق, فإن كلفتموهم فأعينوهم, ولا تعذبوا عباد الله, خلقاً أمثالكم))
[أخرجه مسلم ومالك في الموطأ عن أبي هريرة]
سيدنا عمر بن عبد العزيز, عنده ضيف, فالسراج كاد أن ينطفئ, فقام سيدنا عمر بنفسه, وأسرج هذا السراج, قال له الضيف: ((أنا أفعل هذا عنك, قال: لا, من لؤم الرجل أن يستخدم ضيفه, وغلامي قد نام, فكرهت أن أوقظه))
وفي بعض الأحاديث: ((النهار لكم, والليل لهم))
يتعب في النهار, اجعله أن يرتاح في الليل, ينام نوماً مريحاً .
أيها الأخوة, في قصة قديمة: في خادمة صغيرة, تنام الساعة الثانية, عندهم عزيمة, الساعة الرابعة توقظها ليس للصلاة, من أجل أن تمسح البيت, يوجد نساء قاسيات جداً, لا يرحمن, وإذا ترحم أولادك, ليس لك فضل, شيء طبيعي جداً, القطة ترحم أولادها.
إليكم بيان الغرض المقصود من هذه الأحاديث :
النبي قال: ((ولكنها رحمة عامة))
رحمة لكل الخلق, وإن كان موازنة صعبة, لكن: أنا قناعتي, إذا كنت لا ترحم الطفل الصغير, الذي يعمل عندك في المحل التجاري, كما ترحم ابنك, فلست مؤمناً.
أعرف أطفالاً أيتاماً, يعملون في محل, أحب أن يتعلم الطفل, طلب ساعة من معلمه قبل نهاية الدوام, أن يلتحق بمدرسة ليلية, لم يرض ولا بشكل, أما ابنه, قال لي: وضع له مليون ليرة دروس خاصة, يريده طبيباً, أما هذا ابن الناس, إذا أحب أن يأخذ الشهادة الإعدادية, لا يرضى, هذه القسوة.
انظر إلى هذا التناقض الشديد: ابن الناس ينبغي أن يبقى جاهلاً, ابنه يريده طبيباً, قال لي: والله مليون دفع له من أجل دروس خاصة, ولم ينجح ابنه بعد ذلك, أما هذا الطفل, إذا أحب أن يأخذ ساعة, يخرج قبل أن ينتهي الدوام, من أجل أن يأخذ الشهادة الإعدادية في الليل.....
فكلما رحمت الناس أحبك الله, ويعني بشكل أو بآخر: كلهم عباد الله, لا تفرق, أي إنسان أمامك عبد لله؛ اخدمه, أنصفه, ارحمه, أمنه, لا تخوفه, في شخص إذا لم يخوف الناس لا يرتاح, لا تخوف, المرعبون في النار, الذين يلقون في قلب الناس رعباً في النار, نعم.
نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الضرب في الوجه, وعن الوسم في الوجه أيضاً, الضرب في الوجه محرم, الإنسان وجهه موضع كرامته, حتى إذا ذكر الله, فأمسكوا, قال لك: إذا تحب الله, يجب أن تقف, مراعاة لحرم الله عز وجل.
عن جابر, عن النبي الكريم: ((مرّ عليه حِمَار, قد وُسِمَ في وجهه, فقال: لَعَنَ الله منْ وسَمه))
[أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن جابر بن عبد الله]
يعني يأتوا بآلة, يحموها على النار بشكل حرف, حتى يتعلم, الحمار لفلان بدلاً من النمرة, هذا حمار لفلان, هذا لا يجوز, هذا مخلوق, له إحساس .
وعن هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه: ((أنه مر بالشام على أناس من الأنباط، -الأنباط: فلاحون من العجم, ينزلون بالبطائح- قد أقيموا في الشمس, وصُبَّ على رؤوسهم الزيت, فقلتُ: ما هذا؟ قيل: يُعَذَّبون في الخراج, -عليهم ضرائب لا يدفعونها, وضعوا في الشمس, وصب عليهم الزيت, حبسوا في الجزية- فقلت: أما إِني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يُعَذِّبُ الذين يُعَذِّبُونَ في الدنيا, فدخل على الأمير فحدثه, فأمر بهم, فخلوا سبيلهم))
[أخرجه مسلم وأبو داود عن هشام بن حكيم بن حزام]
هذه الأحاديث ملخصها: يجب أن ترحم كل المخلوقات, وألا تعذب أحداً, وألا تؤذي أحداً, وألا تروع أحداً, أو ألا تخيف أحداً, بما في ذلك الحيوان, وهذا هو المؤمن .
ويقول سيدنا عمر: ((أتمنى أن أغادر الدنيا: لا لي, ولا علي))
يقول سيدنا عمر: ((لو علمت أن الله معذباً رجلاً واحداً, لظننت أنني أنا, ولو علمت أن الله سيرحم واحداً, لرجوت أن أكون أنا))
هذا الدين رحمة, النبي قال: ((إنما أنا رحمة مهداة))
وهذه الرحمة في قلوب الخلق, هذه تنعكس رضاً من الله عز وجل, فإذا الإنسان له عمل في قسوة لا يقبله, يأكل خبزة يابسة, ولا يقبل عملاً له دخل كبير, لكن أساسه إيذاء الناس.
يوجد الكثير من الوظائف؛ تجد مراقب دخل, لا يوجد في قلبه رحمة أبداً, يأتيه –مثلاً- مطرح ضريبي, يضع أعلى رقم متخيل, يأتي المواطن قد فتح محلاً جديداً, يقول له: ثمانمئة ألف, يبرك, وكم من إنسان أصيب بجلطة, لأنه سمع رقماً فوق طاقته.
فإذا شخص, له عمل بالمالية, بالجمرك, لا تظن القضية سهلة عند الله عز وجل, تأخذ أعلى رقم, تبلغه إياه, ترتاح أنت, هكذا القانون يا أخي, تستطيع أن تلفها أنت, تستطيع أن تعطيه الحد الأدنى, وتقول له: اعترض, وتحل المشكلة, أما هذا الذي يكلف الناس ما لا يطيقون, هذا له أعلى مكانة في النار.والحمد لله رب العالمين