كارثة حريق الجهراء أحرقت القلوب قبل العيون 
علماء النفس يحللون الوضع النفسي للجريمة والمتهمة
كارثة حريق الجهراء أحرقت القلوب قبل العيون 
علماء النفس يحللون الوضع النفسي للجريمة و المتهمة


الأربعاء, 19 أغسطس 2009


حمد الخلف ومحمد عزت



ما حدث في منطقة العيون في محافظة الجهراء فاجعة بكل المقاييس بل جريمة صاعقة هزت اركان المجتمع بأسره والذي لم يألف مثل هذه الجرائم التي نتج عنها عدد كبير من الضحايا من النساء والأطفال دون ذنب أو جريرة.
الجريمة النكراء جاءت كردة فعل وتنفيس عن غضب وغيرة الزوجة الاولى التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه القضية ولكن هذا لا يعني ان المجتمع لا يتحمل جزءا منها .وهناك عدة أمور تداخلت في هذه القضية وليس من غير المعقول ان امرأة عاقلة ومتوازنة نفسيا تقوم بمثل هذا الشيء».
هذه الجريمة لا يقرها احد ومرتكبتها مخطئة تماما وما اقدمت عليه هذه المرأة لا يقره بشر ولا يتوافق مع الانسانية،و قامت بعمل انتقامي وارتكبت جرما بحق أبرياء ولم تصب زوجها بأي ضرر وهي مخطئة في حق ذاتها لان الزواج ليس نهاية المطاف وتصرفها الشائن هذا دليل على حقد دفين وينم عن سلوك عدواني انتقامي وانانية مع محاولة لإثبات الذات.
مفهوم أن المرأة ضعيفة وحنون ولم نكن نتوقع ان تقوم امرأة بمثل هذا العمل وتخطط لحرق الخيمة بمن فيها ونحن نستغرب ذلك تماما من المرأة ، وربما كنا نتوقعه من الرجل الذي يعتبر جانب العدوان السلوكي لديه اكبر من المرأة .
وزيادة في التفاصيل كان هذا التحقيق التالي:
لم تتوقع هذا الكم من الضحايا
في البداية قال أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د. حسن الموسوي « لو أردنا ان نحلل الابعاد النفسية لهذه الكارثة لوجدنا ان هناك أكثر من بعد أولا نرى ان حجم الكارثة كبير بالنسبة للمجتمع الكويتي لأنها غريبة عليه ، وكذلك العدد الكبير من الوفيات التي نتجت عن هذه الجريمة بالاضافة الى ان شخصية الجاني وهي بنت كويتية صغيرة في السن حيث لم تتعد 23 عاما وتعتبر صغيرة بحيث انها ليست ناضجة سواء من الناحية العاطفية أو العقلية والذهنية مؤكدا ان هذه البنت عندما قامت بهذا السلوك بالتأكيد أن وراءه دافعا قويا ونحن هنا لا نبرر لها هذا الفعل وانما نحلل الدوافع وهي نتيجة لضغوط نفسيه واضطرابات واحباطات وجدانية كل هذه الامور تجمعت وبالتالي غيبت وعي البنت عن ردعها وايقافها عن التفكير بالقيام بمثل هذه الجريمة , منوها الى انها عندما قامت بهذه الجريمة لم تتوقع بأن الامر سوف يصل الى هذا الحجم بل كانت تتوقع انها سوف تفسد فرحة العرس فقط والدافع هو الانتقام من زوجها واخواته اللاتي اسأن معاملتها طوال فترة حياتها مع زوجها , كما قالت أثناء التحقيقات حيث بينت ان شخصية زوجها كانت ضعيفة وان اخوات زوجها كانوا يتدخلون في حياتها الشخصية وانهن من دفعن زوجها لتطليقها والزواج بأخرى وبالتالي انتقاما لهذه الشخصية الضعيفة هي قامت بحرق الخيمة وهي تعلم ان الزوجة ليست موجودة فيها ولكنها كانت تقصد الانتقام من اخوات زوجها».
وتابع « نحن لدينا مفهوم بان المرأة ضعيفة وحنون ولم نكن نتوقع ان المرأة تقوم بمثل هذا العمل بحيث تخطط لحرق الخيمة بمن فيها ونحن نستغرب ذلك تماما من المرأة وربما كنا نتوقعه من الرجل الذي يعتبر جانب العدوان السلوكي لديه اكبر من المرأة التي يكون لديها العدوان اللفظي مرتفع بحيث تستخدم السب والشتم اكثر من الفعل , ولذلك نحن الان أمام حالة من الاستغراب كون البنت صغيرة في العمر وهي ام لطفلين تقوم بمثل هذه الجريمة , وهنا يجب ان نعلم هل التصرف هذا يمثل شخصيتها الحقيقية وتكوينها النفسي وهل كان لديها نوازع الشر منذ البداية؟ وهل هي تريد الانتقام من زوجها منذ زمن وهي وجدت الفرصة المناسبة للانتقام في تلك الليلة؟ مؤكدا انها لم تكن تتوقع ان تصل نتائج فعلتها الى هذه الدرجة».
هل ستتغير صورة المرأة؟
وأضاف د. الموسوي متسائلا « هل سنغير الصورة المعروفة عن المرأة وهل سوف نبدأ نحسب الحسابات للمرأة وانها لم تعد ذلك المخلوق العاطفي الضعيف، واننا لم نعد نثق بها الثقة العمياء كما هو الحال في السابق حيث انها تسامح وتغفر اخطاء الرجل وهل المرأة اليوم تغيرت عما كانت عليه في السابق وهل الحرية التي اعطيت للمرأة والتغير الذي طرأ على المجتمع بشكل عام وبالتالي اول تغير وقع على المرأة نفسها ولذلك لم تعد المرأة كما كانت في السابق موضحا انه في السابق كان الرجل يتزوج على زوجته اكثر من مرة والمرأة الاولى كانت تتحمل وتصبر وتتقبل الوضع الجديد مع الزوجة الثانية ، ولكن في الوقت الحاضر المرأة لا تتقبل هذا الشيء وذلك يعني ان المفاهيم لدى المرأة تغيرت عن الماضي والسؤال هنا لماذا تغيرت المرأة وهل هذا التغيير طبيعي بسبب تغير الظروف المحيطة بها ودائما نحن نقول ان للمرأة عاطفة جياشة بمعنى انها إذا احبت فهي تحب بلا حدود والعكس صحيح وذلك يعنى انها ليست لديها حالة وسطية بين ذلك أما حب جارف وربما تضحي بأشياء كثيرة من أجله وأحيانا ربما تنتقم من الشخص الذي احبته او أقربائه نتيجة كراهيتها له مشيرا الى ان الغيرة لدى المرأة شديدة جدا وتصل الى درجات عالية تؤدي بها الى تصرفات غير مسؤولة عكس غيرة الرجل التي دائما يستيطع ان يحجمها وهذه الغيرة هي احد المظاهر الانفعالية لدى المرأة».
وتابع « لو سألنا النساء عن رأيهن بتصرف هذه المرأة سيقرن أنها أخطات ولكن بنفس الوقت لها الحق ويبررن ذلك بأنه جاء كردة فعل على الظلم الذي وقع عليها ولكن بالنسبة للرجل سوف يرفض هذا الفعل بغض النظر عن الاسباب او الدوافع وبذلك فان المرأة ربما تتعاطف مع المرأة وتحاول ان تبحث عن الاسباب والمبررات».
وقال د. الموسوي « يجب علينا ان نتخذ العبرة من هذه الكارثة وأن نعالج هذا الموقف بحيث لا يتكرر مرة اخرى وعلى الرجل أن يحترم كيان المرأة وان يكون ذا شخصية متوازنة في حبه وعطائه للمرأة وبالتالي أعتقد ان هناك مفاهيم كثيرة سوف تخلقها هذه الفاجعة من الناحية النفسية سواء كانت في نظرتنا للمرأة وتعاملنا معها وللحرية التي أعطيت للمرأة ومفهومها في الاعلام جميع هذه الامور اعتقد انها سوف تتغير مع التغييرات التي سوف تحصل بعد هذه الكارثة».
قضية رأي عام
ومن جهته قال أستاذ علم النفس د. كامل الفراج « أصبحت قضية حريق الجهراء قضية رأي عام وليس من السهولة أن تصبح مشكلة معينة قضية رأي عام وحتى ان وسائل الاعلام العالمية بدأت تتناقل قضية فاجعة الجهراء وتعتبر جريمة صاعقة للمجتمع الكويتي الذي لم يألف مثل هذه الجرائم التي تنتج عدد كبير من الضحايا موضحا انها تعتبر جريمة وجدانيه لانها جاءت كردة فعل وتنفيس عن غضب وغيرة الزوجة الاولى مؤكدا ان هذه المرأة يجب ان تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه القضية ولكن هذا لا يعني ان المجتمع لا يتحمل جزءا من المسوؤلية التي تقع على عاتقه وذلك لان هناك عدة أمور تداخلت في هذه القضية وهي انه في الغالب الاشخاص غير المتزنين وجدانيا حيث انه من غير المعقول ان امرأة عاقلة ومتوازنة نفسيا تقوم بمثل هذا الشيء».
وأشار الى ان الناس يفاجأون دائما عندما يرون الاحصاءات التي تصور الامراض النفسية والعقلية المنتشرة بشكل كبير جدا في المجتمع , مؤكدا ان المرض النفسي والعقلي لا يخلي الانسان من المسؤولية والمجتمع احيانا ينتظر الشخص حتى يقوم بالهلوسة والهذيان حتى يتم تصنيفه عند المجتمع بان هذا الانسان يعاني مرضا عقليا بينما انه في الواقع ان هناك الامراض النفسية التي تنتشر بين الاشخاص ولكن المجتمع لا يرى تلك الامراض كما يرى الامراض العضوية منوها بان المجتمع لا يدرك ان الامراض النفسية تنتشر اكثر من الامراض العضوية مثل الاكتئاب والوسواس أو كما هو الحال في المشكلة الاخيرة التي كانت تعاني من السلوك الاندفاعي منوها بان الاكتئاب يؤدي الى الانتقام في كثير من الحالات ونحن في علم النفس ننظر الى جريمة الوجدان على انها تحدث بسبب تعطل العقل بسبب الحالة الوجدانية التي يعاني منها ذلك الشخص وانه غير قادر على التمييز واتخاذ القرار بشكل سليم موضحا الى ان الدماغ البشري يتكون من قسمين علوي وهو ما يختص بالجانب العقلي والتصرفات العقلانية وقسم سفلي مسؤول عن الغرائز والانفعالات وأحيانا تكون القيادة للجزء السفلي وبالتالي يتعطل الجزء العلوي الذي يكون مسؤولا عن القيادة من الاساس منوها بان الانفعال الشديد مهما كان سببه ونوعه دائما يعطل العقل ولكن الاشخاص يختلفون في التصرف بعدما يتعطل لديهم العقل بسبب شدة الانفعال حيث انه بعدما ينفعل بشدة وبشكل مبالغ فيه يكون كافيا حتى يتعطل عقله بشكل كامل والبعض الاخر عندما ينفعل بشكل متوسط يتعطل جزء من العقل وهناك من ينفعل بصورة جزئية وبهذه الحالة يعمل العقل بشكل طبيعي , ولهذا نقول ان الاتزان الوجداني يختلف من انسان لاخر وليس كل البشر يستطيعون الحفاظ على اتزانهم الوجداني مشيرا الى ان قضية الاتزان الوجداني يدخل فيها الكثير من العوامل مثل النضج الانفعالي الذي ليس له عمر معين حيث اننا ربما نجد ان شخصا يبلغ 90 عاما ولكنه غير ناضج انفعاليا وقد يكون عمره 15 عاما ويكون ناضجا انفعاليا ووجدانيا».
لافتا الى ان هذه المرأة المتسببة بحادثة الجهراء تعاني من مشاكل نفسيه قبل قيامها بإحراق خيمة العرس وربما انها تعاني منذ بداية طفولتها بمشاكل في حالة الضبط الداخلي وهي انها لا تستطيع ان تضبط جوانب السلوك والانفعال لديها موضحا ان شخصية الانسان تتكون من عدة جوانب ويكون الضبط الداخلي لدى الانسان هو من يقوم بتنظيم هذه الجوانب وضبطها , والشخص الذي ليس لديه اتزان وجداني يعاني من مشكلة في ضبط جوانب الشخصية وبعد ذلك سوف يعاني من السلوك المندفع .
وتابع « السلوك المندفع للاشخاص الطبيعيين كالتالي: نحن نخطط ثم نفكر وبعد ذلك نتصرف إذن هي ثلاث مراحل للحالة الطبيعية وإما السلوك المندفع فهي انا اخطط إذن انا انفذ دون المرور بمرحلة التفكير ولهذا يفقد الشخص مرحلة التفكير لان حالة الجزء المسؤول عن العقل في الدماغ أصبح معطلا مشيرا الى ان الكثير يعتقدون ان الانسان كائن عقلاني في حين انه في الواقع هذا الكلام غير صحيح حيث انه في بعض الحالات يخرج الانسان من حالة العقل ويتصرف تصرفات غير عقلانية» .
تطبيق حد الحرابة
بدوره يقول استشاري علم النفس الدكتور بدر الماص: هذه الجريمة هي، ابتلاء بالنسبة للاخوة الذين اصابهم هذه المأساة والمرأة التي لجأت الى هذا الاسلوب ارتكبت جريمة نكراء وهذه الجريمة تمت تحت مسمى الكبت النفسي ويجب ان تطبق على هذه المرأة حد الحرابة لانها ليست مريضة نفسيا واذا طبقنا هذا المصطلح على حياتنا نمهد الطريق امام اي شخص يرتكب جريمة ثم يقول انني مريض نفسي وهذه الحجة تستخدم للتخفيف من دوافع الجريمة وذريعة امام الاخرين ليخرج المجرم من التهمة كالشعرة من العجينة، فهذه المرأة قامت بجريمتها بكامل ارادتها وعن طريق تخطيط مسبق دون اي ضغوط من احد ومن هذا المنطلق فان المتهمة لا تعاني من اي كبت او مرض نفسي وقامت بجريمتها بمنتهى الوعي والعقلانية واعتقد لا بد من القصاص العادل وتوقيع العقوبات القانونية والمنصوص عليها في الاسلام على المتهمة.
مجرمة وليست مريضة
على جانب آخر يقول استشاري علم النفس الدكتور عدنان الشطي: هناك خط بسيط بين انها مريضة نفسيا والغضب الشديد فكان رد فعلها السريع هو الحرق لانه كان لديها هدف ليس الحريق والوفاة بل تخريب العرس وكانت واعية تماما لما تقوم به ومنظمة عملية الانتقام بانتقالها من تاكسي الى تاكسي ولكن مسلسل الحريق كان خارجا عن السيطرة ولو كان لديها ادراك دون تشويش اثناء تنفيذ العملية لأيقنت ان الحريق وسيلة خطرة لتهديد زوجها بالتالي هي مجرمة وليست مريضة نفسية يحاسب مع حولها لانها غير واعية فهي منساقة وراء غضبها ورغبتها الانتقامية والسؤال هو هل اخبرت من حولها بما يدور في نفسها؟ انا متأكد من انها اخبرت المحيطين بها بقرارها وهم لم يتخذوا اي خطوة فعلية لتهدئتها واثنائها عن اتمام الجريمة لذلك هم ايضا مذنبون في حقها وحق العريس والمدعوين لذا فان الجريمة متشعبة الجوانب لا تقتصر على الزوجة فقط بل يشاركها في ذلك الاقارب والجيران الذين علموا بنيتها ولم يحركوا ساكنا.
يقول استشاري علم النفس الدكتور عويد المشعان: هذه الجريمة لا يقرها احد وهي مخطئة تماما وما اقدمت عليه هذه المرأة لا يقره بشر ولا يتوافق مع الانسانية، وهذه المرأة قامت بعمل انتقامي، لكنها ارتكبت جرما بحق أبرياء ولم تصب زوجها بأي ضرر وهي مخطئة في حق ذاتها لان الزواج ليس نهاية المطاف وتصرفها ينم عن حقد دفين وسلوك عدواني انتقامي وانانية مع محاولة لإثبات الذات ويجب ان يوقع عليها أقصى عقوبة قانونية كما جاء من قبل المشرعين وما أقدمت عليه عمل فريد من نوعه دخيل على المجتمع الكويتي وهي فاقدة للانسانية ومجرمة ومسؤولة عن كل ما فعلته ولم تخضع لتأثير أي شخص بل هي خططت ونجحت فيما أقدمت عليه والظروف كانت مناسبة لها من حيث التحرك والتستر ليلا والتنقل بين اكثر من منطقة لكي تصل لمرادها في النهاية وهي قاتلة محترفة.
فيما يقول استشاري علم النفس الدكتور محمد البصيري: النساء تمر بأزمات مختلفة بسبب ظروفهن الاجتماعية، والعلاقة بين الرجل والمرأة وهذه التراكمات تصل بالمرأة لأشياء غريبة خصوصا في الناحية السلوكية، وهذه المرأة من النوع الذي يكبت مشاعرها والظروف السيئة التي تمر بها من خلال تعامل الرجل معها ثم تترجم في ردة فعل سلبية تظهر في شكل جريمة لأنها تجد الطريق مغلقا امامها ولا تجد أي بارقة نور تصل بها للطريق فتتصرف بصورة غير تقليدية وتنبع منها سلوكيات غير طبيعية، كل انسان يعيش في حالات وسلوكيات وامراض نفسية ولكن لها نسبة معينة تضغط على الفرد يمكن ان تظهر في سلوك بسيط يكبر مع الايام أو سلوك قوي يدمر مجتمعه والمحيطين به ينطبق ذلك على فعل هذه المرأة التي ارتكبت الجريمة وأرادت قتل زوجها والانتقام من المحيطين به لأجل اثبات وجودها والتنفيس عما بداخلها من كبت وضيق ومحاولة انتقام.