إن أمر السجود لله سبحانه وتعالى رفعة، عزة، طمأنينة للعبد،
يرفع الله العبد بقدر سجوده وتذللـه،
كما ثبت ذلك عن
ثوبان بن بجدد عند الإمام مسلم
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة»
أي سجدة تسجدها، سواء كانت تلك السجدة فرضاً أو نفلاً سواء كانت تلك السجدة لتلاوة أو لسهوٍ، سواء كانت تلك السجدة في أي حالة لشكر.. إلى غير ذلك.
وثبت عند الإمام مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال:
«كنت آتي النبي صلى الله عليه وسلم بوضوئه وحاجته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: سلني يا ربيعة ! قال: قلت يا رسول الله: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أَوَ غير ذلك؟ قال: قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود»
وأنت أيها المسلم إذا أردت مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ بهذه النصيحة،
أعن رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسك بكثرة السجود حتى تكون رفيقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة:
﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا﴾[النساء:69]،
السجود لله سبحانه وتعالى يرضي الرحمن ويبكي الشيطان،

فقد ثبت عند الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا قرأ ابن آدم سجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله! أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار»
يبكي ويعلم أن مآله وأنه راجع إلى النار؛ لأنه أبى السجود، ويعلم أن ابن آدم هو الفائز المفلح؛ لأنه سجد وخضع لله سبحانه وتعالى.السجود لله سبحانه وتعالى قربة إلى الله، ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم»
كلما سجد الإنسان كان قريباً إلى ربه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد،
هذا كله لفضل السجود، وهذا الحديث يدل على أن السجود لا ينبغي أن يكون قصيراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «فاجتهدوا فيه في الدعاء»
، والاجتهاد في الدعاء لا يسعه الوقت القصير، يحتاج إلى أن الإنسان يكثر من الدعاء في ذلك الوقت؛ لأن الله عز وجل قريب منه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
«فقمن -أي: فجدير وحري- أن يستجاب لكم»
فأكثر من ذكر الله عز وجل ومن دعائه في السجود
الدعاء الذي لا اعتداء فيه
ولا بغي فيه،
ولا جرم فيه،
بذلك تكون إن شاء الله مقبولاً ودعاؤك مقبول.
السجود لله سبحانه وتعالى مرغمة للشيطان، فقد ثبت عند أبي داود من حديث ابن عباس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم «سمى سجدتي السهو المرغمتين»
؛ لأنها ترغم الشيطان، وقال: «إذا سها أحدكم فليتحر الصواب، وليسجد سجدتي السهو»
لا يملك إلا ذلك،
إذا تسلط الشيطان على الإنسان فجعله يسهو في صلاته
بذلك الحال يستطيع أن يرغم الشيطان بسجدتين لله عز وجل
يجبر بها صلاته ويرغم بها الشيطان
ولا يضره الشيطان بإذن الله عز وجل
؛ لأنه خضع لله،
وفوض أمره إلى الله سبحانه وتعالى،
السجود لله حتى وإن كان خفيفاً فإنه محسوب عند الله،
ثبت من حديث الأحنف بن قيس عند الإمام أحمد رحمة الله عليه: «أنه دخل بيت المقدس فرأى رجلاً يكثر السجود، فلما انصرف قال: أيها الرجل انصرفت على شفع أم وتر؟»
بمعنى: أنه يسرع في سجوده ولكن لا يخل:
«.. قال: أتدري انصرفت على شفع أو وتر، قال: إن كنت لا أدري فالله يدري؟ حدثني حبي ثم بكى، ثم قال: حدثني حبي ثم بكى، ثم قال: حدثني حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة، ثم قال له الأحنف: من أنت أيها الرجل؟ قال: أنا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فتقاصرت لي نفسي»
، يعني: بعد أن علم أنه أبو ذر تقاصرت نفس الأحنف رحمة الله عليه بجانب أبي ذر ، بجانب ذلك الرجل العابد..
ذلك الرجل الزاهد..
ذلك الرجل الورع عليه رضوان الله وعلى سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
نعم،
هذا هو شأن السجود لله سبحانه وتعالى.
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كثير السجود
، كثير الركوع،
قال الله عز وجل لمريم عليها السلام: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾[آل عمران:43]،
أمرها الله أن تكثر السجود، هذا الدليل تضمن كثرة السجود، فإن ذلك هو التعبد لله سبحانه وتعالى



اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين امين امين امين