كم مثيراً معرفة ما يدور في غرفة تغيير الملابس بين المدرب ولاعبيه، وكم مشوقاً سماع حديث المدرب الاجنبي وكيف

ينقله مترجمه وكيف يصل الى آذان اللاعبين..!

واذا هي على غرار ما نسمعه من الترجمة التي تصلنا في الاستوديوهات التحليلية عن افواه الضيوف الأجانب، فاعتقد ان

هناك من يكون في ورطة..!

عندما قال المدرب الايطالي فابيو كابيلو مازحاً بعد تعيينه مدرباً لمنتخب انجلترا، ان من الاسهل على اللاعبين الانجليز

تحدث الايطالية بدل تعلمه هو الانجليزية، فانه في قرارة نفسه كان يتمنى أن يؤخذ كلامه على محمل الجد، لانه يدرك ان

سماع اللاعبين مباشرة لكلماته بدقة وبكل ما تحمله من معنى، وبنبرتها الجدية، سيكون لها تأثير اكبر من نقلها عبر

مترجم، الذي قد ينتقص من المعنى الكامل او يبرد حرارة كلمة هنا وأخرى هناك، وهذا بالتأكيد ما يحصل في كل ناد يدرب

فريقه أجنبي، وبالتأكيد فان هناك مئات المواقف الطريفة والحرجة والغريبة التي تنتج عن سوء فهم ما يقصده المدرب،

والذي في افضل الاحوال يعاني بشدة لايصال ما يريد الى لاعبيه حتى ان كان يكلمهم بلغتهم.

قبل نحو عامين ذكر المدرب التشيكي الاصل زيدنك زيمان انه عانى كثيراً خلال فترة تدريبه في تركيا، وسرد مثالاً انه كان

يقول جملة من خمس كلمات للاعبين، فيسترسل المترجم بالحديث خمس دقائق ليترجم ما قاله للاعبيه الاتراك، فهل يا ترى

نقل هذا المترجم الصورة الكاملة التي يريدها زيمان، أم أضاف اليها؟


لو فكرنا في الأمر قليلاً، فاننا سنجد ان رجلاً غير كروي، وربما يكره الرياضة برمتها، قد يصبح أهم عامل في الفريق،

الذي سيعتمد اعتماداً كلياً على دقته في النقل واجادته للغتين اجادة تامة، ليطبق اللاعبون ما يفكر فيه المدرب، ليصبح عمل

المترجم الأبرز في معادلة النجاح والتوفيق بين الطرفين، وقد يكون سبباً غير مباشر في تذبذب نتائج فريق وفي اقالة

مدرب.

الأمر لم يعد يتوقف على المدربين، ففي كثير من الفرق الاوروبية اصبح اللاعبون من ابناء البلد قلة في الفريق، حتى ان

مدرب مانشستر يونايتد اليكس فيرغسون ذكر انه اصبح يجيد الفرنسية بسبب لاعبيه الاجانب الذين يتحدثون هذه اللغة،

فكان سهلاً عليه تعلم بعض الكلمات التي يعلم انها لن تصل الى هؤلاء اللاعبين اذا قالها بالانجليزية، وهناك من يدعي ان

الفرنسية هي اللغة الاولى في ارسنال، وهكذا كانت الاسبانية في ليفربول ايام رفائيل بنيتيز، وكانت الايطالية في وقت من

الاوقات الاولى في تشلسي.

بالتأكيد بصمات المدربين الاجانب واضحة في الكثير من الفرق والمنتخبات، لكن بصمات المترجمين تنافي الشعار الجديد

للفيفا "كرة القدم لغة واحدة"، لتبقى اللعبة مرهونة بالاشارات والتشويح كأفضل وسيلة لربط حضارتين وايصال فكرة

بعينها، رغم انها من أوائل وسائل التواصل والتخاطب بين الانسان القديم ونظيره.